في شوارع المغرب، وخاصة في المقاهي الشعبية، تواجه النادلات تحديات يومية تتنوع بين التحرش الجنسي، ظروف العمل القاسية، والافتقار إلى أبسط الحقوق. رغم أنهن يعملن بجد لتأمين لقمة العيش، إلا أن معاناتهن قلما تجد من يسمعها أو يدافع عنها.
سعاد (اسم مستعار)، شابة في الثلاثين من عمرها تعمل نادلة في أحد المقاهي بمدينة الدار البيضاء. تضطر سعاد يوميًا لمواجهة مضايقات مستمرة من بعض الزبائن الذين يتعاملون معها كهدف للتحرش بدلًا من احترامها كعاملة تسعى لتأمين حياة كريمة. تقول سعاد: “نحن معرضات بشكل يومي لتعليقات مسيئة، ونظرات مزعجة، ولا أحد يكترث لما نمر به. أصحاب المقاهي لا يهتمون إلا بجني المال”.
إلى جانب التحرش، تعاني النادلات من ظروف عمل قاسية. غالبًا ما يعملن لساعات طويلة تمتد من عشر إلى اثنتي عشرة ساعة يوميًا، بأجور زهيدة لا تتجاوز في كثير من الأحيان 1600درهم شهريًا. كما يُحرم العديد منهن من التسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مما يعني عدم استفادتهن من التغطية الصحية أو أي تعويضات أخرى. وتضيف سعاد: “لا نحصل على أي حماية اجتماعية، وإذا حاولت المطالبة بحقوقك، قد يتم طردك بسهولة”.
النظرة المجتمعية السلبية تجاه عمل النادلات تزيد من معاناتهن. بعض فئات المجتمع ترى أن هذا العمل “غير محترم” للمرأة، مما يجعلهن عرضة للأحكام المسبقة. تقول سعاد بأسى: “نحن لا نختار هذا العمل من باب الترف، بل لأن الظروف تضطرنا إليه. ومع ذلك، نواجه أحكامًا قاسية من الجميع”.
في هذا السياق، رصدت تقارير إعلامية وحقوقية واقع النادلات بالمغرب، مؤكدة تعرضهن للاستغلال في ظل غياب الرقابة القانونية. وأشارت منظمات حقوقية إلى ضرورة تحسين ظروف عملهن وتوفير بيئة تحترم كرامتهن وتحميهن من التحرش والمضايقات. كما دعت إلى تعزيز دور مفتشي الشغل لمراقبة القطاع وضمان تسجيل العاملات في أنظمة الحماية الاجتماعية.
قصص مثل قصة سعاد تسلط الضوء على واقع قاسٍ تعيشه العديد من النساء في المغرب. ورغم التحديات، يبقى الأمل في تغيير هذا الواقع قائمًا عبر تعزيز الوعي المجتمعي وضمان تطبيق القوانين التي تصون حقوق العاملات وتوفر لهن الحماية التي يستحقنها.