أراء وكتاب

نحو ميثاق وطني للحوار مع الشباب: من الاستماع إلى الإشراك

بقلم - الخنشافي فؤاد محامي بهيئة الرباط

في زمن تتسارع فيه المتغيرات، وتتعاظم فيه انتظارات الأجيال الصاعدة، لم يعد كافياً أن تُنصت الحكومات إلى الشباب عند الأزمات، أو أن تُنظم اللقاءات الظرفية كلما علت أصوات الاحتجاج. إن الحاجة اليوم باتت ملحّة إلى ميثاق وطني دائم للحوار مع الشباب، يرسّخ ثقافة المشاركة ويحوّل صوتهم من صدى عابر إلى قرار فاعل في صناعة المستقبل.

ففي كل مجتمع طموح، يشكّل الشباب البوصلة الأخلاقية والوجدانية لمسار التنمية. فهم ليسوا عبئاً على الدولة، بل طاقة إبداعية لا حدود لها. لكن هذه الطاقة تحتاج إلى فضاء مؤسساتي يحتضنها ويؤطّرها. من هنا تأتي فكرة الميثاق الوطني للحوار مع الشباب كإطار جامع، يضمن الاستماع المنتظم إلى نبض الشارع الشبابي، ويحوّل مقترحاتهم إلى سياسات عمومية قابلة للتنفيذ.

إن المغرب، الذي صادق على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل والميثاق الإفريقي للشباب، ملزم دولياً بتعزيز مشاركة الشباب في اتخاذ القرار. كما أن دستور 2011 المغربي نصّ في فصله 33 على أن الدولة تعمل على “توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية للبلاد”. لكن الواقع ما يزال متأخراً عن النص، وما تزال المبادرات الميدانية محدودة في الزمان والمكان.

الميثاق الوطني المنشود يجب أن يكون منصة مؤسساتية دائمة، تجمع ممثلين عن الحكومة، والبرلمان، والجماعات الترابية، ومؤسسات المجتمع المدني، ومجالس الشباب المحلية، وتُخصّص جلسات دورية للحوار حول قضايا التشغيل، والتعليم، والبيئة، والتحول الرقمي، والهجرة، والهوية الثقافية.

فلسفة هذا الميثاق ليست تقنية فقط، بل إنسانية عميقة: أن نعيد الثقة بين الدولة وشبابها، وأن نغرس فيهم الشعور بأنهم شركاء لا متفرجون، صناع لا متلقّون، مواطنون كاملون لا مشاريع انتظار.

إن إطلاق هذا الميثاق لن يكون منّة من الدولة، بل ضرورة وجودية لوطن يريد أن يعيش عصره بثقة. فالأمم التي لم تُصغِ إلى شبابها، سمعت صوته لاحقاً في الشوارع، أما التي فتحت له المجال، فقد سمعت صوته في مراكز القرار.

لقد آن الأوان لأن نُبدع في الإصغاء، قبل أن نُبدع في التخطيط. فحوار اليوم هو استقرار الغد.

Ahame Elakhbar | أهم الأخبار

جريدة أهم الأخبار هي جريدة مغربية دولية رائدة، تجمع بين الشمولية والمصداقية، وتلتزم بالعمل وفقًا للقانون المغربي. تنبع رؤيتها من الهوية الوطنية المغربية، مستلهمة قيمها من تاريخ المغرب العريق وحاضره المشرق، وتحمل الراية المغربية رمزًا للفخر والانتماء. تسعى الجريدة إلى تقديم محتوى يواكب تطلعات القارئ محليًا ودوليًا، بروح مغربية أصيلة تجمع بين الحداثة والجذور الثقافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا