أراء وكتاب

هل بمقدور الاعلام العربي حماية و صون خصوصيته الثقافية ؟

البرازيل : ابو نعمة نسيب

الامة العربية كانت من اوائل الشعوب التي سقطت ومنذ وقت مبكر من تاريخنا الحديث في دوامة و دائرة استهلاك الثقافة التي تنتج في المركز الاوروبي ، و استطاعت المركزية الاوروبية من فرض ثقافتها والظهور بمظهر المتفوق على باقي ثقافات الشعوب الاخرى ، ومنها الثقافة العربية التي وجد عدد كبير من روادها ومفكريها انه لا بديل امامهم عن اقتباس الثقافة الاوروبية، وتعلم لغاتها وصل الى حد الانبهار بتراثها العقلاني الليبرالي والنقل الحرفي لمؤسساته الادارية والمالية والسياسية و التربوية . وقد ترتب على ذالك ظهور انسياقات جديدة لثقافتنا العربية المرتبطة اصلا والتابعة لثقافة المستعمر الاوروبي ولغاته وذالك على حساب لغة الضاض لغة القران الكريم و كذا عن تراثنا الاسلامي. وقد تبنت هذه الانسياقات وروجت لها الكثير من النخب العربية الاسلامية التي نهلت من الثقافة الاوروبية الكولونيالية و تعلمت في جامعاتها مما اسفر في النهاية فقدان المشروع الثقافي العربي لاستقلاله و تحول مشروع النهضة العربية الشاملة الى قاعدة لتبعية اوروبية شبه كاملة . وهذا ما يبين عجز النخب الثقافية في الوطن العربي عن صياغة مشروع ثقافي حضاري مستقل في مواجهة المشروع الثقافي الاستعاري الوافد .
وبدلا من ذالك تمت المصالحة معه على ارضية التبعية نفسها التي تكرست في المجالين السياسي و الاقتصادي .
ويلاحظ في هذا الاطار ان النفود الثقافي الاوروبي الذي كان سائداً في الوطن العربي حتى نهاية الحرب العالمية الثانية ،بدأ ينحسر لمصلحة النفوذ الامريكي الذي تغلغل و ترسخ في الوطن العربي عبر مجموعة من القواعد الثابتة ابرزها الكيان الصهيوني الاسرائيلي و عززتها على المستوى الثقافي فروع الجامعات الامريكية والبرامج والمسلسلات التلفزيونية و الاذاعات و السينما و الفيديو والاعلانات والمطبوعات وغيرها من وسائل الاعلام و ادوات الثقافة الوافدة حتى اصبح من الصعب علينا كأمة عربية اسلامية الفصل بين مشاريع السيطرة العسكرية الخارجية وادوات الاختراق الثقافي والقوى الداعمة والداعية له و المستفيدة منه على المستوى المحلي .
لذالك ارى كإعلامي ومتتبع للوضع الراهن لإ علامنا العربي في ظل اخطبوط العولمة ان على نخبنا و مثقفينا لعب ادوار كبيرة من اجل التعجيل باخراج مشروع الوكالة العربية للانباء الى حيز النور مع مراعات اختيار كوادر اعلامية متخصصة للاشراف على ادارتها وتشغيلها وفي ذالك ضمان لتحجيم وتقزيم الدور الذي تقوم به وكالات الانباء العالمية في تكريس التبعية الاعلامية والثقافية في الوطن العربي اذا ما اردنا فعلا مواجهة التحديات الكبيرة التي تحاصر الاعلام العربي في عصر العولمة .

جواد مالك

إعلامى مغربى حاصل على الاجازة العليا فى الشريعة من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس. عضو الاتحاد الدولى للصحافة العربية وحقوق الانسان بكندا . متميز في مجال الإعلام والإخبار، حيث يعمل على جمع وتحليل وتقديم الأخبار والمعلومات بشكل موضوعي وموثوق. يمتلك مهارات عالية في البحث والتحقيق، ويسعى دائمًا لتغطية الأحداث المحلية والدولية بما يتناسب مع اهتمامات الجمهور. يساهم في تشكيل الرأي العام من خلال تقاريره وتحقيقاته التي تسلط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المغرب. كما يتعامل مع التحديات اليومية التي قد تشمل الضغوط العامة، مما يتطلب منه الحفاظ على نزاهته واستقلاليته في العمل الإعلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من اهم الاخبار

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا