في خطوة تعكس استمرار السياسة الأمريكية الداعمة لمغربية الصحراء، أعلنت واشنطن عن نيتها تشجيع الشركات الأمريكية على الاستثمار في الأقاليم الجنوبية للمملكة، وهو ما يشكل دفعة قوية جديدة للدينامية الاقتصادية التي تشهدها هذه المناطق منذ سنوات.
وجاء هذا الإعلان على لسان نائب وزير الخارجية الأمريكي، كريستوفر لانداو، خلال لقائه بوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك. لانداو أكد أن تشجيع الاستثمار الأمريكي في الصحراء المغربية يندرج ضمن إطار اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على هذه الأقاليم، وهي السياسة التي تم تكريسها منذ إعلان إدارة الرئيس الأسبق دونالد ترامب سنة 2020.
الخطوة الأمريكية لا تندرج فقط ضمن خانة التصريحات الدبلوماسية، بل تأتي في سياق تحوّل ملموس نحو تفعيل شراكات اقتصادية استراتيجية في الأقاليم الجنوبية، حيث تزايدت في السنوات الأخيرة مؤشرات التنمية والاستقرار. فمدن مثل العيون والداخلة أصبحت تشهد مشاريع بنية تحتية كبرى، وتطمح إلى أن تكون منصات اقتصادية إفريقية تربط بين أوروبا وبلدان جنوب الصحراء.
ويبدو أن الولايات المتحدة، من خلال تصريحات مسؤوليها، تسعى إلى دعم هذا التوجه، سواء بتوجيه استثمارات مباشرة أو عبر تحفيز القطاع الخاص الأمريكي على الدخول في شراكات مع الفاعلين المحليين في قطاعات متعددة مثل الطاقة المتجددة، الصناعات البحرية، اللوجستيك، والسياحة البيئية.
تأتي هذه التصريحات في وقت دقيق إقليميًا ودوليًا. فمن جهة، تواصل الجزائر وحلفاؤها الدفع بخطاب التشكيك في مغربية الصحراء، رغم تآكل الدعم الدولي لهذا الطرح. ومن جهة أخرى، تسعى الرباط إلى تعزيز موقعها كفاعل موثوق به في مجال الأمن والاستقرار الإقليمي، خاصة في ظل التوترات المتصاعدة في الساحل والصحراء.
ولذلك، فإن دعم واشنطن لا يحمل فقط بُعدًا اقتصاديًا، بل هو بمثابة تأكيد جديد على اصطفاف الإدارة الأمريكية خلف مبادرة الحكم الذاتي المغربية، باعتبارها الحل الواقعي والعملي الوحيد لهذا النزاع الإقليمي الذي طال أمده.
التقارب المغربي-الأمريكي لم يعد مقتصرًا على التعاون الأمني والعسكري، بل يتوسع ليشمل أبعادًا تنموية واستثمارية، خصوصًا في الأقاليم التي تعتبرها المملكة ركيزة رئيسية في استراتيجيتها الإفريقية.
وبالنظر إلى أن المغرب يعد اليوم من أبرز الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة في شمال إفريقيا، فإن الدفع بالاستثمارات نحو الصحراء المغربية يؤشر إلى تحوّل نوعي في فهم واشنطن لدورها في دعم الاستقرار والتنمية في منطقة مضطربة.