اسلامياتمنوعات

الزواج والطلاق في الشريعة اليهودية والإسلامية: مقارنة بين الطقوس والأحكام

أهم الأخبار

الزواج يمثل رابطة مقدسة في مختلف الشرائع والأديان، حيث ينظم العلاقة بين الرجل والمرأة بما يحقق الاستقرار الأسري والاجتماعي. في الشريعة اليهودية، يعد الزواج جزءًا من التقاليد الدينية والاجتماعية التي تحمل طابع القداسة، إذ يُنظر إليه على أنه اتحاد بين رجل وامرأة بمباركة إلهية. سن الزواج في اليهودية يتفاوت تبعًا للتقاليد والطوائف، لكنه عادةً ما يبدأ من سن البلوغ (13 عامًا للذكور و12 عامًا للإناث) وفق التلمود، مع الأخذ بعين الاعتبار النضج والمسؤولية. يبدأ الزواج بمرحلة الخطبة، أو “الشيدوخ”، وهي عملية اختيار الشريك، وغالبًا ما تتم بترتيب من العائلة أو وسطاء متخصصين. بعد الاتفاق، تُعقد “الكيدوشين”، وهو العقد الشرعي الذي يتضمن مهرًا يُقدمه العريس، ويتبعه “النيسوين”، وهو الاحتفال الذي يتم فيه إعلان الزواج رسميًا.

الزواج في الشريعة اليهودية يحمل طابعًا دينيًا واجتماعيًا، وله أركانه وشروطه التي تضمن تحقيق الهدف من هذه العلاقة المقدسة. أحد أهم أركان الزواج هو “الكيدوشين”، أو العقد الشرعي الذي يتم خلاله إعلان ارتباط الرجل والمرأة برابطة الزواج. يتم ذلك بحضور الشهود، حيث يشترط وجود شاهدين يهوديين بالغين وعاقلين لضمان شرعية العقد، وهو شرط أساسي لا يمكن تجاوزه. المهر، أو ما يعرف بـ”الموهار”، يعد جزءًا أساسيًا من عملية الزواج، ويُقدَّم من العريس للعروس كالتزام مادي يعبر عن جدية النية في الزواج. يتم توثيق قيمة المهر وشروطه في “الكيتوباه”، وهو عقد الزواج المكتوب الذي يحدد حقوق وواجبات الطرفين. أما الولي، فهو ليس عنصرًا أساسيًا في الزواج اليهودي بالمفهوم الإسلامي، ولكن دور الأسرة في اختيار الشريك وترتيب الزواج يكون بارزًا، خاصة في التقاليد الأرثوذكسية، حيث يتولى الأهل أو الوسطاء مسؤولية كبيرة في تنسيق الزواج

الطقوس اليهودية غنية بالتقاليد؛ أبرزها كسر الكأس في نهاية الحفل كرمز لتذكر خراب الهيكل في القدس، وقراءة “الكيتوباه”، وهو عقد الزواج الذي يتضمن حقوق وواجبات الزوجين. كما يحظر الزواج في أيام معينة مثل الأعياد اليهودية أو خلال فترة الحداد على الهيكل. أما التعدد، فقد كان مسموحًا به في اليهودية القديمة، لكن الحاخام جيرشوم في القرن الحادي عشر حرّمه في الطوائف الأشكنازية، ولا يزال هذا الحظر سارياً في معظم الطوائف، بينما قد يظل مسموحًا به نظريًا لدى بعض الطوائف الشرقية.

أما في الإسلام، فالزواج يُعتبر ميثاقًا غليظًا يجمع بين الرجل والمرأة وفق أحكام الشريعة الإسلامية، وهو مبني على السكن والمودة والرحمة كما ورد في قوله تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً” (الروم: 21).
سن الزواج في الإسلام يرتبط بالبلوغ والقدرة على تحمل المسؤولية، وقد حث النبي محمد صلى الله عليه وسلم على الزواج المبكر لمن استطاع، كما في الحديث: “يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ” (متفق عليه).
الزواج الإسلامي يبدأ بعقد النكاح الذي يتطلب وجود ولي للمرأة وشاهدين مسلمين وعدلاً لقوله صلى الله عليه وسلم (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) وقول أبن عباس رضي الله عنه ( لانكاح إلا ببينة ) ، مع تقديم مهر يتفق عليه الطرفان.
المهر في الإسلام رمز لتكريم المرأة وليس ثمنًا لها، وهو ما يظهر في قوله تعالى: “وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً” (النساء: 4). يتبع العقد الإشهار ووليمة الزواج التي تعد من السُنن النبوية، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف: “أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ” (رواه البخاري).
أما فيما يتعلق بالتعدد، فقد أباح الإسلام للرجل الزواج بأكثر من واحدة، بحد أقصى أربع زوجات، شريطة العدل بينهن، كما ورد في قوله تعالى: “فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً” (النساء: 3). غير أن الإسلام شدد على ضرورة الالتزام بالعدل والإنصاف بين الزوجات، وجعل التعدد خيارًا مشروطًا بحالات خاصة مثل رعاية الأيتام أو الضرورات الاجتماعية الملحة او الضرر …

وبينما تشترك الشريعتان اليهودية والإسلامية في تقدير الزواج كوسيلة لبناء الأسرة والمجتمع، تختلف التفاصيل الفقهية والطقوس، بما يعكس الخصوصيات الثقافية والدينية لكل منهما.

الطلاق في الشريعة الإسلامية والشريعة اليهودية:

الطلاق في الشريعة الإسلامية:
في الإسلام، يُعتبر الطلاق حلاً نهائيًا لفسخ عقد الزواج عندما تعجز الحياة الزوجية عن الاستمرار وفقًا للشروط التي فرضتها الشريعةالإسلامية.كما أنه يُعتبر من الأمور المكروهة، وقد جاء في الحديث النبوي: “أبغض الحلال إلى الله الطلاق” (رواه أبو داود)، إلا أنه يُعتبر مباحًا في حالات الضرورة بعد فشل محاولات الإصلاح.
الطلاق في الإسلام ينظم على مرحلتين:

1. الطلاق الرجعي: عندما يُطلق الرجل زوجته، يمكن أن يعود إليها دون الحاجة إلى عقد جديد خلال فترة العدة، والتي هي ثلاثة أشهر أو حتى ولادة المرأة إذا كانت حاملًا. في هذه الفترة، يجب على الزوج أن يُعامل زوجته معاملة حسنة، وإذا اختارا الرجوع، يمكن إعادة الحياة الزوجية بشكلها الطبيعي.

2. الطلاق البائن: هذا النوع من الطلاق يحدث عندما ينتهي الطلاق بعد انقضاء العدة، ولا يمكن للزوجين العودة إلا بعقد جديد. الطلاق البائن ينقسم إلى قسمين:

_البائن بينونة صغرى: إذا طلق الرجل زوجته ثم أراد الرجوع إليها، يمكنه إعادة الزواج منها بعقد جديد ومهر جديد ومثاله الطلاق قبل الدخول أو الخلع .

_البائن بينونة كبرى: يحدث إذا طلق الرجل زوجته ثلاث مرات. بعد الطلاق الثالث، لا يمكن للزوجة العودة إلى زوجها إلا إذا تزوجت من رجل آخر ثم طُلقت أو توفي عنها.

حقوق المرأة في الطلاق:
في الإسلام، تُحترم حقوق المرأة في الطلاق، مثل المهر الذي يجب دفعه بالكامل إذا كانت الطلقة في بداية الزواج، وحقوق النفقة خلال فترة العدة، بالإضافة إلى عدم التعرض لها أو الإساءة إليها. كما يُمنح الرجل الحق في الطلاق بشرط أن يكون ذلك بطريقة عادلة، وألا يكون طلاقًا تعسفيًا.

الطلاق في الشريعة اليهودية:

في الشريعة اليهودية، يُعد الطلاق عملية رسمية تتطلب إجراءات دقيقة. تختلف التفاصيل بين الطوائف اليهودية، ولكن هناك بعض المبادئ الأساسية المتفق عليها. الطلاق في اليهودية يتم عبر وثيقة رسمية تُسمى “جِت” (Get)، وهي وثيقة طلاق يُكتبها الزوج ويُعطيها لزوجته ليُعتبر الطلاق قانونيًا. يشترط في الطلاق اليهودي أن يُعطي الزوج موافقته بحرية، مما يعني أن الزوجة لا يمكنها طلب الطلاق بنفسها إلا في حالات نادرة.

إجراءات الطلاق في الشريعة اليهودية:

الطلب من الزوج: في الشريعة اليهودية، يتطلب الطلاق رضا الزوج. على الزوج أن يوافق على الطلاق ويعطي الزوجة “جِت” (وثيقة الطلاق)، والتي يجب أن تكون مكتوبة بشكل دقيق وفقًا للتقاليد الدينية.

الامتناع عن الطلاق: في بعض الحالات، قد يمتنع الزوج عن إعطاء الجِت، وهو ما يؤدي إلى مشكلة قانونية حيث يُحرم الزوجة من الزواج مرة أخرى إلا إذا تدخلت المحاكم الدينية اليهودية.

الطلاق في حالة التمرد: في بعض الحالات، إذا رفض الزوج منح الطلاق، يمكن للمحكمة الدينية أن تفرض عليه دفع النفقة أو تحكم عليه بأحكام أخرى لتشجيعه على الموافقة.
التعقيدات القانونية:
واحدة من أهم التعقيدات في الطلاق اليهودي هي أن الزوجة تحتاج إلى “جِت” لاعتبار الطلاق رسميًا. إذا لم تحصل عليه، يُعتبر الزواج قائماً في نظر الشريعة، مما يعني أن الزوجة لا يمكنها الزواج بشخص آخر. كما يُعرف هذا الوضع بـ “عِسُون” (Agunah) أي المرأة التي لا تستطيع الطلاق بسبب رفض الزوج منحها “جِت”، ويُعد هذا مشكلة قانونية ودينية في الشريعة اليهودية.

جواد مالك

إعلامى مغربى حاصل على الاجازة العليا فى الشريعة من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس. عضو الاتحاد الدولى للصحافة العربية وحقوق الانسان بكندا . متميز في مجال الإعلام والإخبار، حيث يعمل على جمع وتحليل وتقديم الأخبار والمعلومات بشكل موضوعي وموثوق. يمتلك مهارات عالية في البحث والتحقيق، ويسعى دائمًا لتغطية الأحداث المحلية والدولية بما يتناسب مع اهتمامات الجمهور. يساهم في تشكيل الرأي العام من خلال تقاريره وتحقيقاته التي تسلط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المغرب. كما يتعامل مع التحديات اليومية التي قد تشمل الضغوط العامة، مما يتطلب منه الحفاظ على نزاهته واستقلاليته في العمل الإعلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من اهم الاخبار

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا