منوعات

الجنرال محمد أوفقير: من قمة السلطة إلى نهاية مأساوية

شخصيات مغربية

أحدث الأخبار
مؤشرات الأسواق العالمية

الجنرال محمد أوفقير، أحد أبرز الشخصيات المثيرة للجدل في تاريخ المغرب الحديث، لعب دورًا محوريًا في مرحلة ما بعد الاستقلال، وشكلت حياته سلسلة من الصعود الكبير والنهاية المأساوية التي ما زالت تحيط بها الكثير من علامات الاستفهام. وُلد أوفقير عام 1920 في بلدة عين الشعير بشرق المغرب، في أسرة أمازيغية متواضعة. تلقى تعليمه الأساسي في المغرب قبل أن يلتحق بالمدرسة العسكرية الفرنسية في مكناس، حيث برز بذكائه وانضباطه، ما فتح أمامه أبواب الخدمة في الجيش الفرنسي. خلال الحرب العالمية الثانية، شارك في العديد من الحملات العسكرية في أوروبا وشمال إفريقيا، مما أكسبه خبرة واسعة ساعدته لاحقًا في صعوده داخل المؤسسة العسكرية المغربية.

مع استقلال المغرب عام 1956، عاد أوفقير إلى بلاده لينضم إلى الجيش المغربي الناشئ، وسرعان ما أثبت كفاءته وولاءه للملك محمد الخامس، ما جعله يتدرج بسرعة في المناصب. ومع تولي الملك الحسن الثاني العرش عام 1961، أصبح أوفقير أحد أقرب المساعدين له وأكثرهم ثقة. عُيّن مديرًا للأمن الوطني، حيث قاد حملة صارمة ضد المعارضة، ولاحقًا أصبح وزيرًا للداخلية، وهو المنصب الذي منحه سلطات واسعة في إدارة شؤون الدولة الأمنية والسياسية. في هذه الفترة، ارتبط اسم أوفقير بأكثر القضايا إثارة للجدل في تاريخ المغرب الحديث، وهي اختفاء المعارض المهدي بن بركة.

كان المهدي بن بركة أحد أبرز قادة المعارضة المغربية في تلك الحقبة، وشكل صوته تحديًا كبيرًا للنظام الملكي. في عام 1965، تم اختطافه في باريس في عملية نُسبت إلى أجهزة المخابرات المغربية بتوجيه من أوفقير. الحادثة أثارت جدلًا دوليًا واسعًا ووضعت المغرب تحت ضغط كبير من المجتمع الدولي. ورغم الاتهامات المباشرة لأوفقير، إلا أن ملابسات القضية ظلت غامضة، وظل اسم الجنرال مرتبطًا باختفاء بن بركة حتى بعد وفاته.

في عام 1972، بلغ أوفقير قمة نفوذه كوزير للدفاع وقائد عام للجيش، لكنه تورط في محاولة انقلابية ضد الملك الحسن الثاني. تضمنت المحاولة إسقاط طائرة الملك أثناء عودته من زيارة خارجية، في واحدة من أكثر المحاولات جرأة للإطاحة بالنظام الملكي. فشلت المحاولة وأحبطها الملك بذكائه وولاء كبار ضباط الجيش الذين بقوا إلى جانبه، مما أدى إلى سقوط أوفقير نهائيًا.

بعد إحباط الانقلاب، تم العثور على أوفقير ميتًا في ظروف غامضة داخل قصر الملك. الرواية الرسمية أشارت إلى أنه انتحر بإطلاق النار على نفسه، بينما يعتقد العديد من المراقبين والمؤرخين أنه قُتل بأوامر ملكية انتقامًا لخيانته. نهاية أوفقير لم تكن مأساوية له وحده، بل امتدت إلى عائلته، التي عانت من سنوات طويلة من السجن والنفي في ظروف قاسية. ظل مصير أفراد عائلته مثار انتقادات منظمات حقوق الإنسان، حتى أُطلق سراحهم في الثمانينيات تحت ضغط دولي.

محمد أوفقير يمثل رمزًا لفترة معقدة في تاريخ المغرب، حيث تداخلت فيها الطموحات الشخصية مع المصالح الوطنية. بين أدواره كحامي للنظام وخصم له، وبين صعوده المثير وسقوطه المدوي، يبقى أوفقير شخصية محورية في فهم تحولات المغرب السياسية والاجتماعية في العقود التي تلت الاستقلال. قصته تعكس التحديات التي واجهتها الدولة في تلك الحقبة، والخيارات التي اتخذها قادتها في مواجهة تهديدات الداخل والخارج.

جواد مالك

إعلامى مغربى حاصل على الاجازة العليا فى الشريعة من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس. عضو الاتحاد الدولى للصحافة العربية وحقوق الانسان بكندا . متميز في مجال الإعلام والإخبار، حيث يعمل على جمع وتحليل وتقديم الأخبار والمعلومات بشكل موضوعي وموثوق. يمتلك مهارات عالية في البحث والتحقيق، ويسعى دائمًا لتغطية الأحداث المحلية والدولية بما يتناسب مع اهتمامات الجمهور. يساهم في تشكيل الرأي العام من خلال تقاريره وتحقيقاته التي تسلط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المغرب. كما يتعامل مع التحديات اليومية التي قد تشمل الضغوط العامة، مما يتطلب منه الحفاظ على نزاهته واستقلاليته في العمل الإعلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا