
تلعب السياحة في المغرب دورًا هامًا في اقتصاده المزدهر، مستفيدةً من موقعها الجغرافي الفريد الذي يعانق البحر والمحيط، واستقرارها الأمني الذي يجعلها ملاذًا آمنًا للمغامرين والحالمين. تمتد شبكة طرقها وسككها الحديدية كشرايين تنبض بالحياة، تربط مدنها التي تشبه اللوحات المرسومة بين الجبال والسهول والصحارى.
تحقق المغرب أرقامًا قياسية في استقطاب عشاق السفر والتاريخ والطبيعة، إذ زارها الملايين من السياح في العام الماضي، متجولين بين مدنها التي تحفظ روح الأندلس، وأزقتها التي تحكي قصص القوافل القديمة، وأسواقها التي تفوح بعطر التوابل والزعفران.
في هذه الرحلة، سرنا بين صفحات كتاب مغربي مفتوح على الأسطورة والتاريخ، نعيش تفاصيله ونتنفس روحه، في تجربة كانت أكثر من مجرد رحلة.. بل كانت قصيدة حبٍ للأرض التي تأبى أن تُنسى.
📍 الدار البيضاء.. عناق البحر والبداية
بدأت رحلتنا مع وصولنا إلى الدار البيضاء، المدينة التي تفتح ذراعيها كأنها بوابة الزمن نحو المغرب الحديث. في مطار محمد الخامس، يلفحنا نسيم الأطلسي القادم من بعيد، ونشعر بأننا على أعتاب حكاية تُروى على إيقاع الأمواج.
نتجه نحو الرباط، عبر طريق سيار يمتد بمحاذاة زرقة البحر والخضرة، حيث المدن تتوالى كأبيات قصيدة مغربية نُسجت من روح الأندلس.
📍 اليوم الثاني: الرباط.. بوابة الدبلوماسية والتاريخ
مع أول أنفاس الصباح المغربي، غمرنا كرم الضيافة وروح الأصالة في الفندق، حيث رائحة الخبز الساخن تمتزج بعطر النعناع المنبعث من الشاي المغربي.
بعد الإفطار، توجهنا نحو وزارة الشؤون الخارجية، حيث السياسة تخطُّ سطور المستقبل، والعلاقات تُبنى فوق جسور الدبلوماسية. كان لقاءنا مع صناع القرار نافذةً على دور المغرب في محيطه العربي والأفريقي والدولي.
📍 اليوم الثالث: الرباط.. وداع العاصمة والتوجه نحو فاس
مع إشراقة يوم جديد، حزمنا الحقائب وغادرنا فندق Braat بعد إفطار مغربي أصيل، ثم بدأنا رحلة عبر الزمن نحو فاس، المدينة التي تختزن بين جدرانها عبق التاريخ وحكايات العلماء.
لكن قبل المغادرة، قمنا بزيارة ميدانية لمجموعة من معاهد الصحافة والمؤسسات الاقتصادية، والنقابة الوطنية للصحافة المغربية، حيث ينبض قلب المغرب الحديث. ثم شحننا طاقتنا بغداء شهي في مطعم Al Marsa، حيث البحر يُعانق الأفق، والمذاق يأخذنا في رحلة بين التوابل والمكونات الطازجة.
📍 اليوم الرابع: فاس.. متاهة الحضارة وعبق الماضي
الصباح في فاس ليس كأي صباح، فهو دعوةٌ للغوص في الزمن، حيث الحاضر ما هو إلا انعكاسٌ لصدى الماضي.
📍 ختام الرحلة.. حيث يلتقي البحر بالذكريات
قبل أن نودع هذه الأرض التي أسرَتنا بروحها، توجهنا إلى مسجد الحسن الثاني، ذاك المعلم الذي يقف شامخًا على ضفاف المحيط الأطلسي، كأن البحر نفسه يصلي عند أعتابه.
📍 المغرب في القلب.. لا وداع، بل لقاءٌ يتجدد
بين الدار البيضاء والرباط، بين فاس والمعالم التي زُرناها، تكونت داخلنا صورة لا تُمحى عن المغرب، البلد الذي يكتب التاريخ بحبر الحضارة، ويفتح ذراعيه لكل من يبحث عن الجمال والفلسفة والتجدد
مسكُ الختامِ حينما يتهادى البحر مع أمواج الذكريات.
وعلى إمتدادِ شاطئ الدار البيضاء، تحت سماءٍ حالمة تتلّونُ بدرجات الغروب، دغدغت حواسنا نسمات البحر المالح حيث نسترجع معاً مسار رحلتنا التي امتدت بين مدن المغرب كأنها صفحات من كتابٍ قديم يُعاد قراءته مع كل زيارة.
هنا، لم يكن المغرب مجرد محطة سفر، بل كان أغنيةً تُعزف على وقع الأقدام في أسواقه، ونقشًا على أبواب مدنه العتيقة، وحلمًا يتجدد في مآذنه التي تعانق السحاب.
المغرب لا يُزار مرة واحدة.. بل هو عشقٌ يُعاد اكتشافه مع كل لقاء جديد و رحلتنا كانت قاب قوسين أو أدنى من رحلة في دواخل النفس.