
الرقم سبعة يحمل في الإسلام وكذلك في الديانات السماوية الأخرى دلالات ورمزية عميقة، حيث يتكرر بشكل لافت في العديد من القصص والتشريعات الإلهية، ويعكس نظامًا كونيًا دقيقًا يبرز الحكمة الإلهية في خلقه وتدبيره. يتجلى هذا الرقم في القرآن الكريم والسنة النبوية، بالإضافة إلى التوراة والإنجيل، مما يبرز ارتباطه الوثيق بالأنبياء والأحداث الكبرى التي مروا بها.
في القرآن الكريم، يظهر الرقم سبعة في العديد من المواضع. فقد خلق الله سبحانه وتعالى السماوات سبعًا، كما ورد في قوله تعالى: “اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ” (الطلاق: 12)، مما يشير إلى التوازن بين العوالم العلوية والسفلية. كما أن جهنم لها سبعة أبواب، حيث قال تعالى: “لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ” (الحجر: 44)، مما يدل على العدالة الإلهية في توزيع العذاب. وفي التكوين الإنساني، خلق الله الإنسان في سبع مراحل، كما ورد في قوله: “وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ” (المؤمنون: 12-14).
أما في العبادات، يتجلى الرقم سبعة في العديد من المناسك، مثل الطواف حول الكعبة سبعة أشواط، والسعي بين الصفا والمروة سبع مرات، ورمي الجمرات سبعًا في الحج. كما أن الصلاة تحتوي على سبع تكبيرات في صلاة العيد، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسجود على سبعة أعضاء، كما في الحديث: “أمرت أن أسجد على سبعة أعظم” (رواه البخاري ومسلم).
الرقم سبعة لا يقتصر على الإسلام فحسب، بل له دلالات واضحة في قصص الأنبياء في الديانات السماوية الأخرى. ففي قصة النبي نوح عليه السلام، أمره الله تعالى أن يحمل سبعة سبعة من الحيوانات الطاهرة إلى السفينة، كما ورد في التوراة: “من كل البهائم الطاهرة تأخذ لك سبعة سبعة، ذكرا وأنثى” (سفر التكوين 7:2). وكذلك، كان هناك سبعة أيام تحذيرية قبل الطوفان، مما يرمز إلى الحسم الإلهي في وقت معين.
وفي قصة النبي يوسف عليه السلام، ارتبط الرقم سبعة في رؤيا الملك، حيث رأى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات، ففسرها يوسف عليه السلام بأنها تشير إلى سبع سنوات من الرخاء تليها سبع سنوات من القحط، كما جاء في قوله تعالى: “قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ” (يوسف: 47-48).
النبي موسى عليه السلام أيضًا ارتبط الرقم سبعة في سياق آيات الله التي أُعطيت له لمواجهة فرعون، حيث أُعطي سبع آيات بينات، كما ورد في قوله تعالى: “وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ سَبْعَ آيَاتٍ مِّنَ الْمَثَانِي” (الحجر: 87). وتُذكر بعض الروايات اليهودية أن الله أرسل على فرعون سبع آفات كبيرة.
وفي قصة النبي أيوب عليه السلام، يذكر بعض المؤرخين أن ابتلاءه استمر سبع سنوات، حيث أصابه البلاء في جسده وماله وأهله، وعندما رفع الله عنه البلاء، أمره بتقديم سبعة ثيران وسبعة كباش كذبيحة كفارية، كما جاء في سفر أيوب (42:8).
أما في حياة النبي عيسى عليه السلام، فقد ارتبط الرقم سبعة في بعض معجزاته، مثل إطعام الجموع بخمس أرغفة وسمكتين، وكان عدد السلال التي جمعها بعد المعجزة سبع سلال (إنجيل مرقس 8:8). وأيضًا، ورد في إنجيل لوقا أن عيسى عليه السلام أخرج سبعة شياطين من مريم المجدلية (إنجيل لوقا 8:2).
الرقم سبعة في هذه القصص يعكس بشكل واضح التناسق والتنظيم الذي يعكس حكمة الله في خلقه، ويشير إلى دقة تدبيره للأحداث الكبرى في حياة الأنبياء. ورغم تكراره في العديد من المواضع، إلا أن الرقم سبعة ليس رقمًا مقدسًا بحد ذاته، بل هو رمز يعكس البنية الكونية والتشريعية التي وضعها الله سبحانه وتعالى.
يبقى الرقم سبعة علامة على التوازن والتنظيم الإلهي في الكون والتشريع، وهو يشير إلى حكمة الله في تدبير الأمور وخلق الأحداث، ويعكس بديع خلقه في مختلف الرسالات السماوية.