بعد أربعة أيام من المواجهات العسكرية التي هزّت جنوب آسيا مطلع مايو 2025، عاد الهدوء النسبي إلى الحدود بين الهند وباكستان، إثر اتفاق هش لوقف إطلاق النار، تم التوصل إليه بوساطة أمريكية مباشرة. ورغم أن التصعيد جاء ردًا على هجوم باهالجام الذي أودى بحياة 26 سائحًا هنديًا، فإن المعلومات التي تكشفت لاحقًا أعادت رسم خلفيات القرار الهندي بالقبول السريع بوقف القتال.
تشير مصادر دبلوماسية إلى أن الولايات المتحدة لعبت دورًا أكثر من تقليدي في هذا النزاع، حيث همست في أذن نيودلهي بمعلومات استخباراتية “حساسة”، أفادت بأن الجهات التي نفذت الهجوم لم تتلق أوامر مباشرة من الدولة الباكستانية، بل تصرفت على نحو مستقل. هذا التقييم الاستخباراتي خفف من حدة الغضب السياسي داخل الهند، وأفسح المجال لاحتواء الموقف دون خسارة المعنويات.
كما تفيد بعض التقارير بأن واشنطن لم تكتفِ بنقل المعلومات، بل حذرت صراحة من أن استمرار التصعيد قد يفتح الباب أمام تدخل أطراف إقليمية، خاصة مع مؤشرات على تحركات صينية مريبة في بحر العرب، واحتمال انجرار الأزمة إلى مواجهة متعددة الأطراف. وأوضحت هذه التحذيرات أن أية حرب بين نيودلهي وإسلام آباد قد تخرج عن السيطرة في ظل التسلح النووي والتشابك الأمني المعقد في المنطقة.
في الميدان، كانت عملية “سِندور” الهندية قد استهدفت ما قيل إنها بنى تحتية لجماعات مسلحة في كشمير الباكستانية، باستخدام صواريخ دقيقة وطائرات رافال. وردّت باكستان بعملية “البنيان المرصوص”، مستهدفة منشآت عسكرية هندية، ومستخدمة صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة، ما أدى إلى مقتل 66 شخصًا وإصابة العشرات، إضافة إلى تعطيل المطارات والمدارس في المناطق الحدودية.
ورغم الإعلان الرسمي عن وقف إطلاق النار في 10 مايو، لا تزال الأجواء مشحونة، مع تسجيل مناوشات متقطعة على بعض نقاط خط السيطرة في كشمير، وتبادل اتهامات بخرق الاتفاق. وفي الأثناء، يحاول المجتمع الدولي تثبيت التهدئة، وسط دعوات متزايدة لاستئناف الحوار السياسي حول قضية كشمير، التي تبقى برميل بارود يهدد استقرار جنوب القارة الآسيوية في كل لحظة.
وبينما ينشغل الرأي العام في كلا البلدين بجرد خسائر التصعيد، يراقب المحللون ما إذا كانت التسريبات الأمريكية مؤشرًا على تحول جديد في استراتيجية إدارة الأزمات في المنطقة، خاصة في ظل غياب أي دور فعّال لمجلس الأمن أو القوى الإقليمية الكبرى في التهدئة.