
في مشهد يثير الدهشة ويجسد روح المغامرة الشعبية، عاد مهرجان “دحرجة الجبن” في إنجلترا خلال مايو 2025 ليؤكد مكانته كواحد من أغرب وأشهر التقاليد البريطانية على الإطلاق. هذا الحدث الذي يُقام سنوياً على تل “كوبر” الشهير في منطقة غلوسترشير يجمع بين التقاليد العريقة والتشويق الحي، حيث يتدافع المشاركون من جميع أنحاء العالم خلف قرص دائري من جبن “دبل غلوستر” يتدحرج بسرعة جنونية من أعلى منحدر يبلغ طوله 180 متراً. ومع زاوية ميل خطيرة تبلغ نحو 50%، يصعب على أي متسابق الحفاظ على توازنه، ما يجعل المشهد أقرب إلى سقوط حر جماعي أكثر منه سباقاً رياضياً.
ورغم الخطورة التي تحيط بالحدث، والتي تؤدي كل عام إلى إصابات متفاوتة الخطورة، فإن ذلك لم يمنع العشرات من خوض التجربة في نسخة 2025، التي شهدت مشاركة دولية واسعة وتغطية إعلامية عالمية من بينها بث مباشر عبر هيئة الإذاعة البريطانية (BBC). من بين الفائزين هذا العام، برز اسم اليوتيوبر الألماني توم كوبكه، الذي فاز في أحد سباقات الرجال للمرة الثانية على التوالي، متحدياً الانزلاقات وجفاف الأرض الذي زاد من صعوبة الهبوط. كما خطفت البريطانية آفا سيندر لوغان الأنظار بعد فوزها المثير في سباق السيدات، رغم انقلابها عدة مرات وارتطامها برأسها خلال النزول.
ولم تخلُ نسخة هذا العام من لمسات غير متوقعة، فقد شارك النيوزيلندي بايرون سميث مرتدياً قميص نادي إشبيلية الإسباني، ونجح في انتزاع فوز في أحد السباقات، ما أضفى بُعداً فكاهياً وكروياً على المهرجان. ورغم دعوات السلطات المحلية إلى توخي الحذر ومخاوفهم المتكررة بشأن السلامة العامة، يصر السكان المحليون والمتطوعون على استمرار هذا التقليد الشعبي دون تدخل رسمي، باعتباره جزءاً من هوية المنطقة وتراثها الثقافي.
تاريخياً، يُعتقد أن هذا المهرجان يعود إلى القرن التاسع عشر على الأقل، وربما كان أقدم من ذلك بكثير، ويرتبط بطقوس قديمة احتفالية بقدوم الصيف والحصاد. ومع مرور الزمن، تحوّل من طقس محلي غامض إلى ظاهرة عالمية تستقطب أنظار العالم سنوياً. وما بين الألم والضحك، والجنون والتحدي، يبقى يوم دحرجة الجبن شهادة حية على قدرة البشر على تحويل قطعة جبن إلى مهرجان عالمي يحتفي بالهوية والجرأة وروح الدعابة البريطانية الأصيلة