
دى اندلاع الحرب المفتوحة بين إسرائيل وإيران في يونيو 2025 إلى هزّات عنيفة في الأسواق الاقتصادية العالمية، وسط مخاوف متزايدة من تصعيد قد يُعطّل تدفقات الطاقة ويقلب موازين السياسة النقدية في كبرى الاقتصادات. ومع تصاعد التوتر، ارتفعت أسعار النفط بنسبة تجاوزت 10٪، وسط مخاوف من إغلاق محتمل لمضيق هرمز الذي يمر عبره نحو 20٪ من صادرات النفط العالمية، رغم أن الإمدادات لم تتأثر فعليًا حتى الآن. هذا الارتفاع المفاجئ في أسعار الطاقة دفع المستثمرين إلى التحوّط عبر اللجوء إلى الملاذات الآمنة مثل الذهب والدولار، ما زاد الضغط على أسواق الأسهم، خصوصًا في الولايات المتحدة التي شهدت تراجعًا واضحًا في مؤشرات داو جونز وناسداك وS&P 500.
الأزمة لم تتوقف عند سوق الطاقة والأسهم فقط، بل أثارت أيضًا مخاوف جدية بشأن التضخم العالمي، ما قد يدفع البنوك المركزية، وعلى رأسها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إلى إعادة النظر في خطط تخفيض أسعار الفائدة التي كانت مقررة خلال النصف الثاني من السنة. وتوقعت بعض التقارير الاقتصادية تأخر هذه السياسات التيسيرية، خصوصًا في ظل ضغط الأسعار ونقص الاستقرار الجيوسياسي. من جهتها، حذّرت الحكومة البريطانية من تأثيرات محتملة على ميزانيتها في حال استمرت الأزمة، مشيرة إلى ارتفاع مرتقب في كلفة المعيشة والطاقة.
أما من حيث الأثر المباشر، فقد دفعت الحرب إسرائيل إلى إنفاق ما يزيد عن 1.5 مليار دولار خلال يومين فقط من العمليات العسكرية، ما دفع المحللين إلى خفض توقعات نمو الاقتصاد الإسرائيلي من 4.3٪ إلى 3.6٪. في المقابل، تواجه إيران ضغوطًا متزايدة على صادراتها النفطية، ما يفاقم من أزمتها الاقتصادية الممتدة منذ سنوات بسبب العقوبات والعزلة المالية. ومع تصاعد التوترات، حذّرت مؤسسات مالية كبرى مثل RBC من إمكانية انهيار في الأسواق قد يصل إلى 20٪ في مؤشرات مثل S&P 500، إذا ما خرج الصراع عن نطاق السيطرة ووصل إلى تعطيل فعلي لإمدادات الطاقة أو تصعيد إقليمي أوسع. في المقابل، تراهن أسواق أخرى على أن تكون المواجهة محدودة وسريعة، ما يجعل بعض المستثمرين يتريثون قبل الانسحاب الكلي من الأصول الخطرة. ورغم أن الاقتصاد العالمي لا يزال يقاوم الضغوط حتى الآن، إلا أن الساحة المالية باتت تشبه حقل ألغام، حيث أي انفجار إضافي قد يغير قواعد اللعبة.