
إنكار الحمل هو حالة نفسية وجسدية مثيرة للاهتمام ولها أبعاد طبية واجتماعية ونفسية.
يُعتبر الحمل من أكثر التجارب الفيزيولوجية وضوحًا في حياة المرأة، لكن في بعض الحالات النادرة، يمكن أن تنكر المرأة حملها، أحيانًا حتى لحظة الولادة. تعرف هذه الحالة باسم “إنكار الحمل” أو “رفض الحمل”، وهي حالة نفسية معقدة قد تمر بها بعض النساء لأسباب متعددة تتراوح بين النفسية والاجتماعية والبيولوجية.
ما هو إنكار الحمل؟
إنكار الحمل هو حالة لا تدرك فيها المرأة، أو ترفض أن تصدق، أنها حامل، رغم وجود الحمل الفعلي. قد يستمر هذا الإنكار لعدة أشهر، وفي بعض الحالات النادرة حتى وقت المخاض. هذه الحالة تختلف عن إخفاء الحمل، حيث تتعمد المرأة إخفاء حقيقة حملها، بينما في الإنكار، تكون غير مدركة للحمل على مستوى الوعي.
أنواع إنكار الحمل
يُصنف إنكار الحمل إلى عدة أنواع:
1. الإنكار النفسي :
يحدث غالبًا لدى النساء المصابات بأمراض نفسية حادة مثل الفصام أو الذهان.
تنكر المرأة وجود الحمل حتى عند ظهور علامات جسدية واضحة جدًا.
2. الإنكار غير الذهاني :
أكثر شيوعًا، ويحدث عند نساء لا يعانين من اضطرابات نفسية واضحة.
يظن البعض منهن أن أعراض الحمل مرتبطة بأمراض أخرى (مثل اضطرابات القولون، أو الدورة الشهرية غير المنتظمة).
3. الإنكار العاطفي :
تكون المرأة مدركة جسديًا للحمل لكنها تفتقر إلى الارتباط العاطفي به أو لا تعترف به عاطفيًا.
الأعراض والعلامات
غياب الدورة الشهرية لا يُفسر بالحمل من قِبل المرأة.
عدم الشعور أو تجاهل حركة الجنين.
زيادة الوزن تُنسب لأسباب أخرى كالسمنة أو الانتفاخ.
عدم نمو البطن بالشكل الطبيعي أو تفسيره بوجود مشكلات هضمية.
استمرار المرأة في أنماط حياة غير ملائمة للحمل (كالتدخين أو تناول الكحول).
قد تستمر باستخدام موانع الحمل دون توقف.
الأسباب والعوامل المؤثرة
1. عوامل نفسية:
الصدمات السابقة (مثل الاعتداء أو العنف الجنسي).
الخوف من المسؤولية أو رفض الأمومة.
الاضطرابات في الهوية أو صورة الذات.
وجود مشكلات في العلاقات العاطفية.
2. عوامل اجتماعية:
الحمل خارج إطار الزواج.
الخوف من رفض الأسرة أو المجتمع.
الظروف الاقتصادية أو عدم الرغبة في الإنجاب.
3. عوامل بيولوجية:
اضطرابات هرمونية تؤثر على أعراض الحمل.
تكوين الجسم الذي لا يُظهر البطن بسهولة.
غياب الأعراض التقليدية كالغثيان أو الوحام.
المضاعفات المحتملة
للأم:
غياب الرعاية الصحية خلال الحمل يعرضها لمخاطر الولادة المفاجئة ومضاعفات مثل النزيف أو الولادة غير الآمنة.
للجنين:
ارتفاع خطر ولادة الطفل دون إشراف طبي.
مشاكل صحية محتملة نتيجة عدم المتابعة الطبية أثناء الحمل.
نفسية واجتماعية:
صدمة ما بعد الولادة.
صعوبة تكوين رابط مع المولود.
إمكانية التخلي عن الطفل أو إيذائه في حالات إنكار الحمل الحاد.
التشخيص والعلاج
التشخيص:
يتم من خلال ملاحظة الأعراض وتقييم الحالة النفسية.
غالبًا ما يُكتشف بالصدفة عند زيارة الطبيب لأعراض أخرى أو عند حدوث المخاض المفاجئ.
العلاج:
1. العلاج النفسي:
الجلسات مع طبيب نفسي لفهم أسباب الإنكار ومساعدة المرأة على تقبل الواقع.
علاج الصدمات أو الاكتئاب المرتبط بالحمل.
2. الدعم الاجتماعي:
توفير شبكة دعم عاطفي وأسري.
التوعية بخطورة إنكار الحمل على الأم والجنين.
3. الرعاية الطبية:
في حال اكتشاف الحمل قبل الولادة، يُوجه التركيز إلى رعاية الحمل والجنين.
دعم أثناء الولادة وما بعد الولادة، خاصة من الناحية النفسية.
رغم غرابة فكرة إنكار الحمل في المجتمعات الحديثة، إلا أنها حالة واقعية ومعقدة تتطلب فهمًا عميقًا ودعمًا متخصصًا. من الضروري أن يكون العاملون في القطاع الصحي والاجتماعي على دراية بهذه الظاهرة للتعامل معها بحساسية وفعالية، وضمان سلامة المرأة والطفل على حد سواء.