أراء وكتاب

قمة الدوحة أو حين يتحول العدوان على قطر إلى قضية عربية إسلامية مشتركة…

ذ/الحسين بكار السباعي

جاء البيان الختامي الصادر عن القمة العربية الإسلامية الطارئة المنعقدة في الدوحة محملا برسائل سياسية عميقة، تتجاوز حدود الإدانة الظرفية لتؤسس لمرحلة جديدة من الإصطفاف الإستراتيجي في وجه إسرائيل. فقد إعتبر القادة المجتمعون أن العدوان الإسرائيلي على قطر ليس مجرد حادث معزول، بل إعتداء على جميع الدول العربية والإسلامية، وتهديد مباشر للسلم والأمن الدوليين، وهو توصيف يعيد ترتيب الأولويات ويمنح الحادث بعدا يتجاوز طبيعته العسكرية المباشرة إلى كونه استهداف لبنية الأمن الجماعي العربي والإسلامي بأسره.

ولعل أبرز ما يميز هذا البيان أنه حمل المجتمع الدولي، وفي مقدمته الأمم المتحدة، مسؤولية مباشرة في التصدي للإنتهاكات الإسرائيلية المتكررة، مذكرا بقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، وبالتدابير الصادرة عن محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية، وملوحا بخيارات غير مسبوقة من قبيل تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة وفرض عقوبات جماعية عليها. وهي إشارات واضحة إلى أن العالم العربي والإسلامي بات يميل إلى تدويل المواجهة سياسيا وقانونيا، بعد أن بلغ صمت المجتمع الدولي حدا إعتبره القادة العرب والمسلمون تشجيعا على سياسة الإفلات من العقاب.
وفي بعده الداخلي كرس البيان مبدأ الأمن الجماعي والمصير المشترك، رابطا بين العدوان على قطر وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة وحصار، وما تشهده المنطقة من اعتداءات إسرائيلية على غزة ولبنان وسوريا. كما أعاد التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، متمسكا بحل الدولتين، وتجسيد الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ومجددا الدعم للوصاية الهاشمية على المقدسات و اللجنة الملكية المغربية للقدس، بما يعكس إصرارا على أن السلام العادل لن يتحقق بتجاوز القضية الفلسطينية أو بمحاولات تغييبها.
كما رسخ بيان القمة صورة قطر باعتبارها رمزا للتضامن العربي الإسلامي،ليس فقط بصفتها ضحية عدوان غادر، بل بكونها وسيطا محوريا في جهود وقف الحرب على غزة وتحرير الأسرى وإرساء الاستقرار. وأي إعتداء عليها يعتبر إستهداف لدور الوساطة ولإمكانية بناء سلام إقليمي متوازن.
ليظل السؤال المعلق، هو إلى أي حد سينجح هذا البيان في التحول من مجرد موقف سياسي بليغ اعتدناه في قممنا العربية والإسلامية ،إلى خطة عملية و ميدانية متكاملة؟

ختاما، إن قوة العبارات وبلاغة المواقف لا تخفي حقيقة التحدي الأكبر، المتمثل في ترجمة التضامن إلى آليات فعلية على مستوى الدبلوماسية والاقتصاد و حلحلة القانون الدولي ومؤسساته التنفيذية. فإذا كان للدوحة أن تذكر في هذه اللحظة كعاصمة للتضامن، فإن الإستحقاق المقبل سيكون اختبارا جديا لقدرة العرب والمسلمين على الإنتقال من لغة القرارات إلى منطق الأفعال ولغة الميدان .

Ahame Elakhbar | أهم الأخبار

جريدة أهم الأخبار هي جريدة مغربية دولية رائدة، تجمع بين الشمولية والمصداقية، وتلتزم بالعمل وفقًا للقانون المغربي. تنبع رؤيتها من الهوية الوطنية المغربية، مستلهمة قيمها من تاريخ المغرب العريق وحاضره المشرق، وتحمل الراية المغربية رمزًا للفخر والانتماء. تسعى الجريدة إلى تقديم محتوى يواكب تطلعات القارئ محليًا ودوليًا، بروح مغربية أصيلة تجمع بين الحداثة والجذور الثقافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا