
قبل أربع سنوات، كان الرأي العام الجامعي يتابع باهتمام كبير الإعلان عن إطلاق مشروع ضخم بمدينة بنسليمان “Campus Green Smart – Université Nouvelle Génération”، وهو مشروع رائد على المستوى الوطني بمساحة 100 هكتار وبميزانية تناهز 818 مليون درهم.
المشروع لم يكن مجرد توسعة جامعية عادية، بل رؤية متكاملة لبناء قطب جامعي من الجيل الجديد يستوعب 50 ألف طالب، ويجمع بين الرقمنة، البحث العلمي، التنمية المستدامة، والعدالة المجالية.
الرئيسة السابقة للجامعة، عواطف حيار، والوزير السابق سعيد أمزازي وضعوا التصور الكامل للمشروع، وأشرفوا على إعداد ملفه بدقة، بل وتم اقتناء الأرض التي سيقام عليه المشروع بأزيد من 15 مليون درهم، واضعين نصب عينيهم أهدافا واضحة: إحداث كلية للطب، مركز استشفائي جامعي، فضاءات للبحث والابتكار، وأقطاب علمية في الطب، البيئة، الرياضة، والفلاحة.
غير أن هذا المشروع الطموح توقف فجأة مع تولي الحسين أزدوك رئاسة الجامعة وعبد اللطيف الميراوي حقيبة التعليم العالي. بدل أن يكون عهد أزدوك والميراوي امتدادا لمسار البناء، تحول إلى مرحلة وصفت داخل الأوساط الجامعية بكونها “أكبر بلوكاج في تاريخ جامعة الحسن الثاني”.
رغم الوعود الكبيرة والتزامات دفتر التحملات، فإن حصيلة أزدوك تكشف واقعا صادما: لم يتم تنفيذ حتى 10% من التزامات الرئاسة.
لا أوراش مفتوحة في بنسليمان،لا خطوات عملية لبناء الكليات أو المستشفى الجامعي ولارؤية واضحة لمصير استثمار يفوق 800 مليون درهم.
غياب تفعيل المشروع حرم آلاف الطلبة من فرص التكوين في تخصصات حيوية، خاصة في مجالات الطب، البيئة، الرياضة، والبحث العلمي. كما فوّت على المنطقة فرصة أن تتحول إلى قطب جامعي واقتصادي واجتماعي، قادر على جذب الاستثمار والبحث والابتكار.
أما الأدهى، فهو أن هذا الجمود يتعارض كليا مع استراتيجية الدولة في التعليم العالي والتنمية المستدامة، ويضع علامة استفهام كبيرة حول جدية الجامعة في الانخراط في الإصلاحات الوطنية الكبرى.
مسؤولية من؟
اليوم، وبعد مرور أكثر من أربع سنوات على إطلاق المشروع، يبقى السؤال مطروحا بإلحاح: من يحاسب رئاسة الجامعة على هذا التعطيل؟ كيف يتم السكوت عن شلل أصاب مؤسسة يفترض أنها قاطرة للتنمية؟ ولماذا لم تُفعّل أي آلية لتدارك التأخير وإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟
هكذا، تحول “Campus Green Smart” من حلم جامعي استراتيجي إلى مجرد ملف مركون في رفوف الإدارة. وبين وعود الأمس وصمت اليوم، يظل طلبة جهة الدار البيضاء-سطات ينتظرون عدالة مجالية وتعليم جامعي يليق بتطلعاتهم.
فهل يبقى هذا المشروع رهين الإهمال والتأجيل، أم أن ساعة المحاسبة ستدق، ليُعاد فتح ملف قد يكون عنوانا لأكبر خسارة جامعية في تاريخ المنطقة؟