أخبارسياسة

البيت الأبيض: محادثات شرم الشيخ تدخل مرحلة مراجعة قوائم تبادل الأسرى

تشهد مدينة شرم الشيخ المصرية حراكاً دبلوماسياً غير مسبوق مع انطلاق جولة جديدة من المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس، برعاية مصرية وقطرية وبمشاركة نشطة من الوفد الأميركي، في محاولة لإرساء هدنة شاملة وبدء عملية تبادل الأسرى التي طال انتظارها.
فقد أعلن البيت الأبيض أن المحادثات “تجري الآن” لمراجعة القوائم النهائية للأسرى والمحتجزين من الجانبين، في إشارة واضحة إلى أن المفاوضات دخلت مرحلة متقدمة من التفاصيل الفنية. المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر، يقودان المشاورات من الجانب الأميركي، في وقت وصفت فيه المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت التقدّم المحرز بـ“الاستثنائي والمشجّع”، مؤكدة أن الإدارة الأميركية تعمل “بأقصى سرعة” لإنجاز اتفاق أولي يضع حداً للنزيف الإنساني في غزة.

المرحلة الحالية من المباحثات تتركز على آلية تبادل الأسرى، حيث تطالب إسرائيل بالإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين، أحياءً وأمواتاً، في حين تطالب حماس بإطلاق سراح قادة ميدانيين ووجوه بارزة ممن شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر، إضافة إلى مئات المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. التسريبات تشير إلى مقترح أميركي يقضي بإطلاق سراح 48 رهينة إسرائيلية خلال 72 ساعة من توقيع الاتفاق، مقابل الإفراج عن نحو ألفي معتقل فلسطيني بينهم أصحاب أحكام مؤبدة، وهو ما يشكّل اختباراً حقيقياً لمدى مرونة الطرفين واستعدادهما لتقديم تنازلات متبادلة.

لكن خلف هذا الزخم الدبلوماسي، تبقى العقبات كبيرة. فالثقة بين الطرفين شبه معدومة، والحرب لا تزال مستعرة في قطاع غزة رغم المساعي الأميركية والمصرية لوقف النار. وتخشى واشنطن أن يؤدي استمرار القصف الإسرائيلي إلى تقويض فرص التوصل لاتفاق، في حين تحذر حماس من أن أي خرق ميداني خلال المحادثات قد يدفعها إلى الانسحاب من المفاوضات نهائياً.
البيت الأبيض من جانبه يحاول رسم ملامح تسوية أوسع تُعيد ترتيب المشهد في غزة، لا تقتصر على تبادل الأسرى فحسب، بل تتضمّن خطة أوسع لوقف إطلاق النار وانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من مناطق محددة، مع وضع ترتيبات لإدارة مؤقتة للقطاع بإشراف دولي، وهي صيغة يرى فيها الأميركيون مدخلاً لتسوية سياسية طويلة الأمد.

أما القاهرة، التي تستضيف هذه المباحثات الحساسة، فتعمل بصمت على تذليل الخلافات الجوهرية، مستندة إلى خبرتها الطويلة في الوساطة بين الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية. ويُنظر إلى مصر على أنها الجسر الوحيد القادر على تحقيق توازن دقيق بين المتطلبات الأمنية الإسرائيلية والمطالب السياسية والإنسانية الفلسطينية، في حين تساندها قطر في الجانب المالي والضمانات التنفيذية للاتفاق.

من الناحية السياسية، يبدو أن الإدارة الأميركية تحاول استثمار هذا التقدّم لإظهار قدرتها على إنهاء واحدة من أعقد أزمات الشرق الأوسط في ظل تصاعد الانتقادات الدولية لسياسات الحرب في غزة. فنجاح اتفاق تبادل الأسرى سيُعد انتصاراً رمزياً للرئيس الأميركي، يفتح الباب أمام تفاهمات أوسع قد تُمهّد لوقف شامل للقتال وربما لعودة مسار التسوية السياسية إلى الواجهة بعد سنوات من الجمود.

غير أن الطريق لا يزال طويلاً، فالميدان يفرض منطقه القاسي، والمواقف المتصلبة تعيق أي اختراق سريع. ومع ذلك، فإن جلوس الأطراف مجدداً إلى طاولة التفاوض – ولو عبر وسطاء – بعد شهور من الدماء والدمار، يحمل في طياته مؤشراً نادراً على أن الإرهاق السياسي والعسكري بدأ يضغط على الجميع. وبين جولات المباحثات وتبدّل المواقف، تبقى أنظار العالم شاخصة نحو شرم الشيخ، حيث تُكتب ربما أول فصول النهاية لأطول وأعقد الحروب التي عرفتها المنطقة في العقود الأخيرة.

جواد مالك

إعلامى مغربى حاصل على الاجازة العليا فى الشريعة من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس. عضو الاتحاد الدولى للصحافة العربية وحقوق الانسان بكندا . متميز في مجال الإعلام والإخبار، حيث يعمل على جمع وتحليل وتقديم الأخبار والمعلومات بشكل موضوعي وموثوق. يمتلك مهارات عالية في البحث والتحقيق، ويسعى دائمًا لتغطية الأحداث المحلية والدولية بما يتناسب مع اهتمامات الجمهور. يساهم في تشكيل الرأي العام من خلال تقاريره وتحقيقاته التي تسلط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المغرب. كما يتعامل مع التحديات اليومية التي قد تشمل الضغوط العامة، مما يتطلب منه الحفاظ على نزاهته واستقلاليته في العمل الإعلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا