
في مساء مشحون بالتوتر السياسي والرياضي في أوديني، حقّق منتخب إيطاليا فوزًا بارزًا على إسرائيل بثلاثة أهداف نظيفة، مؤكدًا عودته القوية في تصفيات كأس العالم 2026. ما بدا في الظاهر مجرد مباراة تصفيات، تحوّل إلى منصة للاحتجاجات العلنية على الوضع في الشرق الأوسط، حيث رافقت المباراة هتافات قوية في الملعب وضواحيه، مناوئة للعدوان الإسرائيلي.
افتتح ماتيو ريتيغي التسجيل بهدف قوي في الوقت بدل الضائع للشوط الأول (45+2)، وأضاف الهدف الثاني في الدقيقة 74، قبل أن يُكمل جانلوكا مانشيني ثلاثية في الدقيقة الثالثة من الوقت المحتسب بدل الضائع. بهذا الإنجاز، ارتفع رصيد الأتزوري إلى 15 نقطة، ليتقدم بقوة نحو صراع المنافسة على بطاقة التأهل المباشر، في مجموعة لا تزال تحتدم فيها الحسابات.
غياب إيطاليا عن مونديالي 2018 و2022 كان أثرًا كبيرًا على صورة المنتخب، لكن هذا الفوز يُعد دفعة معنوية كبيرة، تضع الفريق من جديد في دائرة المنافسة الفعلية. فبعد سلسلة من النتائج الجيدة، أصبح الأتزوري يُعتمد عليه من جديد، ليس كمنافس فقط، بل كقوة قادرة على الضغط على النرويج المتصدّرة في المجموعة.
من الجانب الإسرائيلي، خسارة ثقيلة تُطيح بأي أمل بالمنافسة. توقف رصيدها عند 9 نقاط في 7 مباريات، ويبدو أن الملحق أصبح بعيدًا جدًا عنها، إن لم يكن مستحيلاً. لقد كانت مباريات الليلة محطة فاصلة في مسار التصفية، ووضعت العبء الأكبر على كاهل فريقها في الجولات المقبلة دون مجال للتراخي.
ما ميز المباراة ليس فقط الأداء الرياضي، بل التوتر السياسي الذي صاحبها. فقد انتشرت قوات أمنية مكثفة، وأقيمت تظاهرات على مشارف الملعب والهتافات تضجّ في الشوارع: “أوقفوا الإبادة الجماعية”. المشهد تداخل فيه الرياضي مع السياسي، وكان جمهورًا يؤكد أن مباريات كرة القدم ليست بمنأى عن الواقع الدولي، خاصة عندما يتعلق الأمر بصراعات ذات حساسية عالية.
عند عزف النشيد الإسرائيلي، طُبعت الأجواء بصافرات الاستنكار من المشجعين، في إشارة إلى رفض رمزي للسياسات المتبعة في الصراع الفلسطيني‑الإسرائيلي. حتى أن البعض من الجمهور الإسرائيلي داخل الملعب صفقوا لفترات قصيرة، لكنهم كانوا أقلية وسط أجواء مشحونة.
بينما تنشغل الجماهير بالحسابات الرياضية، فإن فوز إيطاليا يعكس أيضًا استعادة ثقة وأمل لدى الفريق بلاعبيه ومدربه. التحدّي المقبل سيكون أمام النرويج على ملعب سان سيرو في 16 نوفمبر، وهي مباراة قد تحسم تأشيرة التأهل المباشر بشكل نهائي.
في النهاية، تبدو إيطاليا أقوى من مجرد فوز على أرضها — فالمباراة أمس حملت في طياتها رسائل رياضية وسياسية معًا، وأكدت أن الرياضة لا يمكنها أن تفصل نفسها تمامًا عن الواقع، خاصة عندما يُختبَر صمود الفرق أمام الضغوط كلها.