صحة

تحذير من مساحيق بروتين ملوّثة تهدّد صحة الرياضيين… حين يتحوّل السعي إلى الصحة إلى خطرٍ يهدد الحياة

عبد الله مشنون كاتب صحفي مقيم في ايطاليا

في ظل الهوس المتزايد بالصحة والرشاقة، صار البروتين شعارًا يرفعه كل من يدخل صالة رياضية أو يتبع نظامًا غذائيًا خاصًا. لا يكاد يخلو هاتف ذكي من إعلان عن مسحوق بروتين “سحري”، يَعِد ببنية عضلية مثالية في وقت قياسي، أو بشعورٍ دائم بالشبع و”الجسم المثالي”. لكن ما الذي نعرفه حقًا عن هذه المنتجات؟ وهل هي فعلاً طريق مختصر نحو الصحة؟ أم أنها خطر صحي مقنّع بعبارات تسويقية براقة؟

أحدث الدراسات الأميركية المستقلة، التي أصدرتها جمعية “كونسيومر ريبورتس” مؤخرًا، كشفت عن معطيات صادمة: أكثر من ثلثي مساحيق البروتين التي خضعت للاختبار تحتوي على كميات مقلقة من الرصاص، تتجاوز في بعض الحالات الحد اليومي الآمن المسموح به. بعض المنتجات تحتوي على نسب عالية من المعادن الثقيلة (مثل الرصاص) لدرجة دفعت الباحثين إلى الدعوة لعدم استهلاكها إطلاقًا.

المشكلة لا تكمن فقط في المكونات الضارة، بل في آلية توزيع هذه المنتجات وانتشارها. فالكثير من مساحيق البروتين تُباع دون وصفة طبية، ودون رقابة صارمة على محتوياتها. والأسوأ من ذلك، أن معظمها يُسوّق على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تُستهدف فئات الشباب والمراهقين بشكل مباشر، عبر صور مغرية لأجسام مشدودة وأسلوب حياة “مثالي”، يُخفي وراءه مواد قد تدمّر الكلى والكبد وتؤدي إلى مشاكل صحية مزمنة على المدى الطويل.

متى يتحول الغذاء إلى سمّ بطيء؟

الرصاص من المعادن السامة، ويكفي التعرض له بكميات صغيرة على مدى زمني طويل لظهور أعراض خطيرة، مثل:

مشاكل في التركيز والذاكرة.
اضطرابات عصبية.
تلف في الكلى.
ضعف في الجهاز المناعي.
وقد يُسبب لدى الأطفال والمراهقين تباطؤًا في النمو العقلي والجسدي.

ومع الأسف، فإن كثيرًا من المستهلكين لا يعلمون أن عبوة البروتين اللامعة التي يشربونها يوميًا بعد التمرين، قد تحتوي على جرعات تراكمية من الرصاص، تُدخل أجسامهم في حالة تسمم بطيء.

في أغلب الحالات، يعود تلوّث هذه المساحيق إلى مصدر المواد الخام، وسوء طرق التصنيع، والتخزين غير السليم، إضافة إلى غياب المعايير الصارمة للمراقبة، خصوصًا في بعض الدول التي تعتمد على الاستيراد دون فحص شامل.

ولا يجب أن ننسى أن بعض الشركات تنتج هذه المساحيق في مصانع لا تُخضعها لأي تقييم مستقل لمحتواها من المعادن الثقيلة، أو تتعمد إخفاء نسبها عن الملصق الغذائي، في تجاوز صارخ لأخلاقيات السلامة الغذائية.

ماذا عن الشباب المغربي والعربي؟

بات من الضروري دق ناقوس الخطر محليًا، لأننا نلاحظ، في السنوات الأخيرة، انتشارًا واسعًا لمساحيق البروتين المستوردة في صالات الرياضة والأسواق الإلكترونية المغربية والعربية. ومع غياب ثقافة استهلاك واعية، قد يقع آلاف الشباب في فخ الاعتماد المفرط على مكملات لا يعرفون حقيقتها.

بل الأخطر من ذلك أن هناك من يستهلك أكثر من نوع في اليوم الواحد، أو يخلط بين مسحوق البروتين ومنتجات أخرى “مجهولة المصدر” مثل محسنات الأداء ومكملات الحرق، دون استشارة طبية أو رقابة صحية.

لا أحد ينكر أهمية البروتين كمكوّن غذائي ضروري للجسم. لكن هذا لا يبرر التحوّل إلى “مدمن مكملات”، في ظل وجود بدائل طبيعية وصحية من مصادر موثوقة: البيض، الحليب، البقوليات، اللحوم، الأسماك، والمكسرات.

ولذلك يجب أن تكون هناك:
حملات توعية وطنية موجهة للشباب، لشرح مخاطر هذه المنتجات.
مراقبة صارمة من الجهات المختصة، لفحص المنتجات المستوردة والمحلية المعروضة في الأسواق وصالات الرياضة.
دور أكبر لوسائل الإعلام في كشف الترويج المغشوش، عوض الانخراط في “بروباغندا اللياقة”.
الصحة الحقيقية لا تأتي من عبوة مسحوق مجهولة المصدر، بل من وعي، وتغذية متوازنة، ونمط حياة سليم.
والعضلات التي تُبنى بالرصاص، ستنهار يومًا ما، وربما تُدمّر ما هو أهم من المظهر: الجسد والعقل والحياة.

وعلينا أن نتذكر دومًا: الطريق السريع ليس دائمًا الطريق الآمن. فاختر أن تعيش صحيًا، لا أن تموت ببطء… باسم “البروتين”.

Ahame Elakhbar | أهم الأخبار

جريدة أهم الأخبار هي جريدة مغربية دولية رائدة، تجمع بين الشمولية والمصداقية، وتلتزم بالعمل وفقًا للقانون المغربي. تنبع رؤيتها من الهوية الوطنية المغربية، مستلهمة قيمها من تاريخ المغرب العريق وحاضره المشرق، وتحمل الراية المغربية رمزًا للفخر والانتماء. تسعى الجريدة إلى تقديم محتوى يواكب تطلعات القارئ محليًا ودوليًا، بروح مغربية أصيلة تجمع بين الحداثة والجذور الثقافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا