
يشهد السوق المغربي للأدوية ارتفاعًا ملحوظًا في الأسعار مقارنة بدولٍ أوروبية عديدة، وهو ما أصبح يثقل كاهل المواطن البسيط الذي يعاني من ضعف القدرة الشرائية وغياب التغطية الصحية الشاملة. فرغم أن المغرب يُعدّ من الدول التي تسعى إلى تحسين المنظومة الصحية، إلا أن أسعار الدواء ما تزال من بين الأعلى في المنطقة.
تؤكد تقارير رسمية أن هامش الربح في سلسلة توزيع الأدوية بالمغرب يبقى مرتفعًا، حيث تصل نسبته أحيانًا إلى أكثر من 40 بالمائة، وهو ما ينعكس مباشرة على المستهلك النهائي. كما أن الضريبة على القيمة المضافة، التي تبلغ 7 بالمائة، تُعدّ من بين العوامل التي تزيد من تكلفة الدواء مقارنة بدول أوروبية مثل فرنسا، التي لا تتجاوز فيها الضريبة 2.1 بالمائة.
من جهة أخرى، تعتمد أوروبا على سياسة دعم قوية لقطاع الصحة، من خلال تعويضاتٍ وتأميناتٍ تغطي الجزء الأكبر من ثمن الدواء، بينما يبقى المريض المغربي في أغلب الأحيان مضطرًا لدفع التكلفة كاملة من ماله الخاص. هذا الواقع يجعل من العلاج عبئًا ثقيلًا على فئاتٍ واسعةٍ من المجتمع.
ويُعزى هذا التفاوت أيضًا إلى قلة استعمال الأدوية الجنيسة في المغرب، رغم كونها أقل سعرًا وتتمتع بنفس الفعالية العلاجية. كما تلعب تكاليف الاستيراد وتقلّبات سعر الصرف دورًا في رفع الأسعار، خاصة بالنسبة للأدوية المستوردة من أوروبا.
ورغم محاولات وزارة الصحة مراجعة أسعار بعض الأدوية وخفضها بشكلٍ تدريجي، إلا أن الفجوة لا تزال قائمة، والمواطن ما زال ينتظر سياسة أكثر عدلًا وشفافية، تضع مصلحة المريض فوق كل اعتبار.
لقد حان الوقت لإصلاحٍ شاملٍ يضمن الحق في العلاج بأسعارٍ معقولة، ويُعيد التوازن بين المريض، والصيدلي، والموزّع، والدولة. لأن الدواء ليس ترفًا… بل حقٌّ من حقوق الإنسان.