
في مجتمعاتنا، تعيش المرأة المطلقة التي تربي أبناءها وحدها واقعًا صعبًا، مليئًا بالتحديات اليومية والمسؤوليات المتراكمة. هي أمّ، عاملة، طباخة، مربية، ومقاتلة صامتة من أجل البقاء والكرامة.
لكن، كيف يمكن لهذه المرأة أن تجمع بين العمل خارج البيت وتربية الأبناء والعناية بالمنزل؟ كيف توزّع وقتها بين المطبخ، والدروس، والاحتياجات اليومية؟ وأين هو وقتها لنفسها؟
الجواب مؤلم وبسيط في الوقت نفسه: ليس لديها وقت لنفسها. فهي تبدأ يومها مع أول ضوء للفجر، تُحضّر الفطور، تُوقظ أبناءها للمدرسة، ثم تخرج إلى عملها وهي تحمل على كتفيها تعب الأمس وثقل الغد. تعود إلى بيتها في المساء لتجد أمامها مطبخًا ينتظرها، وواجبات مدرسية تحتاج إلى متابعتها، وقلوب أطفالٍ صغيرة تحتاج إلى حضنها واهتمامها.
تتساءل في صمت: من سيسندني؟ من سيفهم أنني أتعب دون أن أشتكي؟
تخفي دموعها خلف ابتسامة كي لا يشعر أبناؤها بالخوف أو بالحرمان. فهي تعرف أن قوتها تعني استقرارهم، وضعفها يعني انهيار البيت.
لكن، هل نتركها تواجه كل هذا وحدها؟
أليس من واجب المجتمع أن يقف إلى جانبها؟ أن يمنحها الدعم النفسي والمادي؟ أن يعترف بتضحياتها؟
إن مساعدة هذه المرأة ليست مجرّد صدقة، بل هي واجب إنساني. يجب أن نوفّر لها بيئة عمل مرنة، ومراكز دعم للأمهات العاملات، وتشجيعًا حقيقيًا من الدولة والمجتمع. فهي لا تطلب الشفقة، بل الفرصة. لا تريد كلامًا، بل تقديرًا واحترامًا.
في النهاية، تبقى المرأة المطلقة العاملة رمزًا للقوة والصبر، تقف في وجه الحياة بكلّ ما تملك من حبّ لأبنائها وإيمانٍ بالغد. هي المدرسة الأولى، والسند الأخير، والروح التي لا تنكسر مهما اشتدّت عليها العواصف.











