تكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي والأخلاق: هل يمكن للآلة أن تحلّ محلّ الإنسان في اتخاذ القرار؟

أصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً أساسياً من مجالات عديدة في حياتنا المعاصرة، فهو يُستخدم في التشخيص الطبي، وفي أنظمة القيادة الذاتية، وفي تقييم المخاطر المالية، وحتى في تحليل المعطيات القضائية. ومع توسّع هذه الأدوار، يبرز سؤال أخلاقي جوهري: هل يجوز أن نسمح للآلة بأن تتخذ قرارات نيابة عن الإنسان؟

لا شكّ أن الخوارزميات قادرة على معالجة كميات ضخمة من البيانات بسرعة ودقّة تفوق القدرات البشرية، مما يجعلها أداة فعّالة في تقديم التوصيات والاحتمالات. غير أنّ امتلاكها لهذه القدرة الحسابية لا يعني أنها تمتلك حكمة القرار أو الوعي الأخلاقي. فالآلة لا تفهم نوايا البشر، ولا تدرك معاني الرحمة والعدالة، ولا تستوعب الظروف الإنسانية التي كثيراً ما تكون جزءاً من اتخاذ القرار.

يضاف إلى ذلك أنّ الذكاء الاصطناعي قد يحمل تحيزات كامنة في البيانات التي تم تدريبه عليها، فإذا كانت هذه البيانات غير عادلة أو ناقصة، فإن نتائجه ستكون بدورها غير عادلة، من غير أن يعي هو ذلك. ثم إنّ مسألة المسؤولية الأخلاقية تظلّ غامضة: فإذا نتج عن قرار آلي ضررٌ ما، فمن الذي يتحمّل المسؤولية؟ المبرمج؟ أم المؤسسة؟ أم مستخدم النظام؟ إنّ هذا الغموض يجعل الاعتماد الكامل على الآلة في القرارات الحسّاسة أمراً محفوفاً بالمخاطر.

لهذا السبب يميل كثير من الباحثين في الأخلاق والتقنية إلى اعتبار الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة للإنسان، لا بديلاً عنه. يمكن للآلة أن تحلّل وتقدّم اقتراحات وتسهّل الفهم، ولكن القرار النهائي في ما يتعلق بحياة البشر وحقوقهم وكرامتهم يجب أن يبقى في يد الإنسان، لأنه الوحيد القادر على الموازنة بين المعطيات التقنية والقيم الإنسانية.

إن استخدام الذكاء الاصطناعي في دعم القرارات أمر مفيد وضروري، لكن تفويضه بالقرارات المصيرية أو الأخلاقية لا يُعدّ خياراً مقبولاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا