
ليست المرأة كائنًا يبحث عن الضجيج، لكنها حين تختار الصمت، لا تفعل ذلك ضعفًا، بل حكمة. ففي زوايا الحياة اليومية، بعيدًا عن الأضواء والشعارات، تُنجز النساء أعظم التحوّلات دون أن يطلبن تصفيقًا أو اعترافًا.
المرأة التي تستيقظ قبل الجميع، والتي تحمل همّ البيت والعمل والقلب معًا، لا تُدوّن بطولاتها في السجلات، لكنها تكتب أثرها في تفاصيل لا يراها إلا من أنصفها. هي لا تُغيّر العالم بخطابات نارية، بل بإصرار يومي لا يلين.
القوة التي لا تُرى
ما لا يدركه كثيرون أن قوة النساء لا تُقاس بالصوت المرتفع، بل بالقدرة على الاحتمال دون تكسّر. فكم من امرأة واجهت الفقد، الخذلان، القسوة، أو الإقصاء، ثم نهضت وكأن شيئًا لم يحدث، بينما كان في داخلها إعصار كامل.
هذه القوة الصامتة هي التي تجعل النساء عماد الاستقرار في أكثر اللحظات هشاشة، سواء داخل الأسرة أو في المجتمع الأوسع.
بين القلب والعقل
تُتهم النساء بأنهن أسيرات العاطفة، بينما الحقيقة أنهن الأكثر قدرة على التوازن بين العقل والقلب. المرأة لا تلغي مشاعرها، لكنها لا تسمح لها بأن تُعمي بصيرتها. ولذلك، حين تتخذ قرارًا، يكون غالبًا مدروسًا، حتى وإن بدا للآخرين عاطفيًا.
نساء لا يشبهن العناوين
ليست كل امرأة ناجحة صاحبة منصب أو شهرة. هناك نساء يصنعن الفرق دون ألقاب: أمّ تُربّي أجيالًا بوعي، عاملة تكافح بكرامة، زوجة تحفظ التوازن، وفتاة تختار ذاتها رغم الضغوط. هؤلاء لا تظهر صورهن في الواجهات، لكن أثرهن أعمق من كل العناوين الرنّانة.
لماذا يخيف صمت النساء؟
لأن المرأة حين تصمت، تفكّر. وحين تفكّر، تغيّر. صمتها ليس انسحابًا، بل إعادة ترتيب للقوة، استعدادًا لخطوة قادمة لا تحتاج إلى إعلان.
النساء لا يطلبن أن يكنّ محور الكون، بل أن يُنظر إليهن كقوة حقيقية لا كحاشية. وحين تُمنح المرأة مساحة الاحترام، لا تُنقذ نفسها فقط، بل تُنقذ عالمًا بأكمله من الاختلال.







