غيب الموت الفنانة المصرية القديرة سمية الألفي عن عمر ناهز 72 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض، لتطوى بذلك صفحة من صفحات جيل فني ترك بصمته بهدوء واتزان، بعيدًا عن الصخب، وقريبًا من قلوب جمهور أحب أداءها الصادق وحضورها الرزين. وقد أكدت خبر الوفاة مصادر فنية وإعلامية مصرية متطابقة، في مقدمتها نقابة المهن التمثيلية، التي نعت الراحلة بكلمات مؤثرة، مشيدة بمسارها الفني والإنساني.
الراحلة، واسمها الحقيقي سمية الألفي، من مواليد سنة 1953، وبدأت مسيرتها الفنية في سبعينيات القرن الماضي، حيث برزت بسرعة بفضل ملامحها الهادئة وأدائها الطبيعي، ونجحت في حجز مكانة خاصة داخل الدراما والسينما المصرية. لم تكن من نجمات الأضواء الصاخبة، لكنها كانت دائمًا حاضرة في الأعمال التي تحتاج إلى ممثلة تمتلك عمقًا داخليًا وقدرة على تجسيد المرأة المصرية في تعقيداتها الإنسانية والاجتماعية.
شاركت سمية الألفي في عدد من الأعمال السينمائية والدرامية التي لاقت صدى لدى الجمهور، وتنوعت أدوارها بين الاجتماعي والعاطفي والأسري، حيث عُرفت باختيارها لأدوار الأم والزوجة والشخصيات المركبة، مقدمة أداءً متزنًا بعيدًا عن المبالغة. وقد جمعتها علاقة فنية وإنسانية خاصة بجيل من كبار الفنانين والمخرجين، كما ارتبط اسمها في الذاكرة الفنية بعائلة فنية معروفة، كونها والدة الفنان أحمد الفيشاوي، الذي عبّر في أكثر من مناسبة عن تقديره الكبير لوالدته ودورها في حياته الشخصية والفنية.
وخلال السنوات الأخيرة، ابتعدت الراحلة نسبيًا عن الساحة الفنية بسبب تدهور حالتها الصحية، بعد معاناة طويلة مع المرض، لكنها ظلت تحظى باحترام الوسط الفني ومتابعة الجمهور، وكان آخر ظهور لها قبل أشهر قليلة، حين زارت كواليس أحد الأعمال السينمائية دعمًا لابنها، في مشهد إنساني لقي تفاعلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي.
برحيل سمية الألفي، يفقد الفن المصري واحدة من ممثلاته اللاتي اشتغلن على التفاصيل الصغيرة، وبنين مسيرتهن بالاختيار الهادئ والالتزام المهني، بعيدًا عن الضجيج. وقد انهالت رسائل النعي والتعازي من فنانين وإعلاميين وجمهور واسع، مستحضرين أخلاقها الرفيعة ومسارها الفني النظيف، سائلين الله أن يتغمدها بواسع رحمته، وأن يلهم أهلها ومحبيها الصبر والسلوان.
