
تُعتبر الهالة المحيطة بالإنسان من أكثر المفاهيم الروحانية التي أثارت فضول الناس عبر العصور، إذ يُنظر إليها كحقل طاقي غير مرئي يخرج من الجسد ويكشف الكثير عن الحالة النفسية والعاطفية وحتى الصحية للإنسان. هذا الحقل لا يُرى بالعين المجردة، لكنه–وفقًا للمعتقدات الطاقية القديمة–يتأثر بكل ما يعيشه الفرد من مشاعر وتجارب، فيقوى حين يكون في حالة سلام، ويضعف عندما يمرّ بالتوتر أو الحزن أو الإرهاق. الهالة في هذا التصور ليست مجرد فكرة غامضة، بل مرآة دقيقة تعكس ما لا يُقال وما لا يظهر على مستوى السلوك.
يرتبط لون الهالة، بحسب الروحانيين، بطبيعة المشاعر التي يحملها الإنسان في لحظته الحالية؛ فالهالة الزرقاء تُشير إلى الهدوء والصفاء، والحمراء إلى القوة أو الغضب، والبيضاء إلى النقاء، بينما تعكس الهالة الرمادية أو الداكنة وجود ضغوط ثقيلة أو تعب داخلي. ويُعتقد أن هذه الطاقة تتفاعل مع طاقات الآخرين، وهذا ما يفسّر شعورنا بالراحة بالقرب من بعض الأشخاص، أو الانزعاج دون سبب منطقي من آخرين، وكأن هالاتنا تتحدث قبل أن نتبادل الكلمات.
ورغم أن العلم الحديث لا يعترف بالهالة بالمفهوم الروحاني، فإن الجسد البشري فعلًا يُصدر مجالًا كهربائيًا ومغناطيسيًا بسيطًا ناتجًا عن عمل القلب والدماغ، وهو ما يدفع بعض الباحثين للاعتقاد بأن جزءًا من هذه الأساطير قد يكون مبنيًا على إحساس البشر بطبيعتهم الحيوية. ومع ذلك، يظل الجانب الروحاني هو الأكثر حضورًا في تفسير قوة الهالة وضعفها، خاصة مع ارتباطها بعادات واضحة تحسّن حالة الإنسان فعليًا، مثل النوم الجيد، الهدوء، الدعاء، التأمل، المشي في الطبيعة، والابتعاد عن العلاقات المرهقة.
وتستمر الهالة كرمز للطاقة الكامنة في داخل كل شخص، قوةٌ لا يراها أحد لكنها تؤثر في كل شيء: في مزاجنا، اختياراتنا، وحتى الطريقة التي يشعر بها الآخرون نحونا. إنها باختصار لغة خفية لا تُكتب ولا تُسمع، لكنها تُحسّ، وتُعبّر عن أكثر ما نخفيه في دواخلنا.











