برامجتكنولوجيا

القوة ج: طاقة الحسم التي تُنقذك حين تتعطل كل الطرق

هناك لحظة في حياة كل إنسان يصل فيها إلى الحافة… لا لأنه ضعيف، بل لأنه استنفد كل أدوات الصبر، وكل محاولات الفهم، وكل استراتيجيات التحمّل. في تلك اللحظة، لا تنفع المجاملة، ولا يجدي التردد، ولا يصلح الانتظار. هنا تماماً تولد القوة ج. ليست طاقة الاندفاع الأعمى، ولا تهور الغضب، بل هي طاقة القرار الذي لا رجعة فيه، طاقة الحسم حين يصبح التراجع خيانة للذات.

القوة ج ليست لطيفة، ولا تُجامل. إنها تلك الطاقة التي تقول لك: انتهى زمن التفسير، وبدأ زمن التنفيذ. هي التي تظهر حين تُدرك أنك إن لم تُغيِّر الآن، فلن تتغير أبداً. إنها لحظة الاصطفاء الداخلي بين ما تريد أن تكونه، وما اعتدت أن تكونه. في هذه النقطة بالضبط، يتوقف الإنسان عن لعب دور الضحية، ويتحوّل إلى فاعل.

أخطر ما في القوة ج أنها لا تمنحك الوهم. لا تقول لك: “أنت بخير”، بل تقول لك: “أنت مسؤول”. لا تربّت على كتفك، بل تدفعك إلى الأمام. إنها طاقة المواجهة المباشرة مع قراراتك المؤجلة، مع علاقاتك السامة، مع خوفك المزمن من التغيير. لذلك يخافها الناس، لأن من يدخلها، يخرج شخصاً آخر.

الاستفادة من القوة ج لا تكون في لحظات الغضب، بل في لحظات الصفاء القصير الذي يلي الانكسار. تُستعمل عندما تُغلق كل الأبواب، فتكتشف أن الباب الوحيد الذي لم تطرقه بصدق هو بابك أنت. حينها، تُفَعِّل القوة ج عبر ثلاث خطوات بسيطة في ظاهرها، صاعقة في أثرها: قرار نهائي لا يقبل المراجعة، فعل مباشر دون تبرير، وصمت طويل عن شرح نفسك للآخرين.

من لحظة تفعيل القوة ج، يتغيّر قاموسك النفسي. تتوقف عن طلب الإذن. تتوقف عن شرح اختياراتك. يصبح الزمن أكثر جدية، وتصبح أنت أكثر اختصاراً. لا تعود تُضَيّع عمرك في إثبات نواياك، بل تُثبتها بالفعل وحده. وهنا يولد الاحترام الحقيقي، لا الذي يأتي من الكلام، بل الذي يفرضه التحوّل.

القوة ج لا تُعطيك الراحة فوراً، بل تُعطيك الهيبة. لا تمنحك الطمأنينة في البداية، بل تمنحك السيطرة. وبعد أن تستقر أفعالك الجديدة، تأتي الطمأنينة على مهل، لا كضيف مفاجئ، بل كحقٍّ استعدته.

لهذا تُعد القوة ج أخطر المراحل الثلاث: بعد وعي القوة ألف، وبعد تفاعل القوة باء، تأتي القوة ج لتُنهي الجدل كله. إما أن تعيش كما تريد، أو كما يُراد لك. ولا وسط بين الاثنين

جواد مالك

مدير عام و رئيس تحرير جريدة أهم الأخبار الدولية. أمين عام الإتحاد الدولي للشعراء والأدباء العرب (فرع المملكة المغربية). أمين سر منظمة أواصر السلام العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا