
في زمنٍ تتعدد فيه أشكال التعب والإرهاق النفسي داخل العلاقات الأسرية، يبرز سؤال جوهري يستحق التأمل:
كيف يستطيع رجل أن يطلب الطمأنينة من امرأةٍ جعلها هو نفسه تعيش في القلق؟
كيف ينتظر الهدوء، وهو من كان العاصفة؟
وكيف يطالب بالحنان، وهو لا يزرع إلا الشك والخوف؟
الحقيقة البسيطة التي يتجاهلها البعض هي أن السلام لا يُحصد في أرضٍ زُرعت فيها الفوضى،
ولا يمكن أن تُشرق الثقة من قلبٍ غمره الإهمال.
إن المرأة التي تُهان، أو تُستهان مشاعرها، لا تستطيع أن تمنح الأمان،
والرجل الذي يزرع القسوة لا يمكنه أن يقطف المودة.
الأمان النفسي… أساس العلاقة السليمة:
تشير دراسات علم النفس الأسري إلى أن الأمان النفسي هو العمود الفقري لكل علاقة ناجحة،
وهو ما يجعل الطرفين يشعران بالراحة في التعبير عن مشاعرهما دون خوفٍ من السخرية أو العقاب.
فعندما يشعر أحد الشريكين بأنه مسموع ومُقدَّر، تتولد الثقة،
وتتحول العلاقة من ساحة صراع إلى مساحة دعم وتفاهم.
ويؤكد خبراء العلاقات أن غياب الاحترام والتقدير المتبادل
هو بداية الانهيار الصامت في كثير من الزيجات.
فالمرأة التي تُطفأ أنوثتها بالكلمة الجارحة،
والرجل الذي يُهان بكثرة الاتهام واللوم،
كلاهما يفقدان القدرة على العطاء.
نحو ثقافة الوعي والحوار:
من المهم أن نعيد النظر في الطريقة التي تُبنى بها العلاقات الأسرية.
فالحب وحده لا يكفي لبناء بيتٍ مستقر،
بل يحتاج إلى تواصل، وصدق، ومسؤولية مشتركة في مواجهة الضغوط اليومية.
إن الحوار الهادئ، والتقدير المتبادل، والقدرة على الاعتذار عند الخطأ،
هي مفاتيح تفتح أبواب الطمأنينة داخل الأسرة.
فلا يمكن لأحد أن يطالب بالسلام، وهو لا يمنحه،
ولا يمكن أن يطلب الحنان، وهو لا يزرع الاحترام.
رسالة للمجتمع:
إن العلاقة بين الرجل والمرأة ليست ساحةً لإثبات القوة،
بل هي مساحة لبناء الثقة، وتعزيز الكرامة، وصنع التوازن.
وحين يدرك كل طرف مسؤوليته في نشر الأمان داخل البيت،
نضمن جيلاً ينشأ في بيئة صحية، مليئة بالثقة، والحب، والسكينة