شهدت مدينة طراسة الإسبانية حضورًا غفيرًا من المصلين الذين اجتمعوا في ساحة واسعة لإقامة صلاة عيد الفطر، حيث بدت الأجواء وكأنها في مسجد كبير. اجتمع الآلاف في جو مليء بالفرح والسرور، ما يعكس روح العيد وجمال المناسبة.
إن نقل صورة ومشهد هذه الصلاة أمر جميل، لكنه لا يمنع من ضرورة توجيه النقد البناء للإدارة المسؤولة عن تنظيم الحقل الديني. فلو اكتمل الفرح بتنظيم محكم لهذا الحدث الكبير، لكانت التجربة أكثر راحة وسلاسة. امتلأت الساحة عن آخرها، وصفوف المصلين بدت غير منظمة، وكأننا في ساحة جامع الفنا بمراكش، وهو ما لا يتماشى مع شروط إقامة الصلاة بالشكل الصحيح.
كان من واجب إدارة المسجد أن تعمل على تنظيم الساحة قبل امتلائها، فهذه من أبسط مسؤولياتها لضمان أداء الصلاة في ظروف مناسبة. كما أن الخطيب، الذي ألقى خطبته تحت أشعة الشمس، بدا عليه الإرهاق والعطش، ومع ذلك لم يلتفت أحد من مسؤولي الجمعية لتقديم كأس من الماء له، وهو أمر كان يجب الانتباه إليه تقديرًا لمكانته ودوره.
لعبت الشرطة المحلية policía municipal دورًا مهمًا في الحفاظ على هوية الآخر واحترام المعتقدات، من خلال توفير الشروط المناسبة لإقامة الصلاة في بيئة آمنة ومريحة. كان حضورهم بمثابة دعم لضمان السلم الاجتماعي، وهو ما يعكس التزامهم بتوفير الراحة للمصلين. إلا أن مسؤولي إدارة المساجد كان لهم نظرة مغايرة، لم تتوافق مع الواقع الفعلي الذي كان يعكس ضعف التنظيم.
في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، شهدت طراسة وقفة احتجاجية لليمين المتطرف تحت شعار “لا لاسلمة طراسة”، وفي ظل هذه الأجواء، من المنطقي احترام الآراء المختلفة. ومع ذلك، إذا استمرت الجمعيات الدينية على هذا الحال، فقد يكون للمواطن الإسباني “ابن الدار” الحق في الاعتراض، لأنه يرى أن الاحترام مفقود وأن التعامل يتم لمصلحة فردية بدلاً من مصلحة الوطن، وهذا كله ناتج عن صراع الكراسي والمصالح الفردية لمسؤولي الحقل الديني.
هناك فرق بين النقد الهدام والنقد البناء، وعلى مسؤولي الحقل الديني أن يرتقوا إلى مستوى المسؤولية، لضمان تنظيم أفضل لهذه المناسبات الدينية العظيمة. وختامًا، فقد ذكّر الخطيب في خطبته بضرورة احترام الجار، وهو درس مهم يجب أن ينعكس في سلوكنا اليومي .