
في جلسة تاريخية للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 22 شتنبر 2025، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتراف بلاده رسمياً بالدولة الفلسطينية، في خطوة غير مسبوقة من دولة غربية كبرى شكّلت منعطفاً سياسياً بالغ الأهمية في مسار القضية الفلسطينية.
الاعتراف الفرنسي جاء ضمن سياق دولي متصاعد لدعم حل الدولتين، حيث انضمت دول أوروبية أخرى مثل بلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا وموناكو وأندورا إلى الموقف ذاته، ما أضاف زخماً قوياً لمطلب الفلسطينيين بالحصول على شرعية دولية كاملة. وفي أعقاب الإعلان، اعتمدت الجمعية العامة قراراً حظي بتأييد واسع بلغ 142 صوتاً مقابل 10 معارضة و12 امتناعاً، يدعو إلى تنفيذ إعلان نيويورك الذي تبنّته فرنسا والسعودية في يوليو الماضي، والهادف إلى وضع خارطة طريق مدتها خمسة عشر شهراً لإنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة.
القرار الأممي تضمّن عناصر أساسية من بينها إصلاح مؤسسات السلطة الفلسطينية، إطلاق سراح الرهائن، ضمان الترتيبات الأمنية لما بعد الحرب في غزة، إضافة إلى الدعوة لإرسال قوة دولية مؤقتة تحت مظلة الأمم المتحدة للمساعدة في الاستقرار وإعادة الإعمار. وقد مثّل ذلك تحوّلاً ملموساً في الدور الدولي تجاه النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، بعدما طغى الجمود السياسي لعقود طويلة.
على الجانب الفلسطيني، قوبلت الخطوة الفرنسية بترحيب واسع، حيث اعتبرتها السلطة الفلسطينية انتصاراً سياسياً ومعنوياً طال انتظاره، فيما رأت الفصائل أنها بداية لتصحيح ميزان القوى داخل المجتمع الدولي. بالمقابل، رفضت إسرائيل الاعتراف واعتبرته تهديداً لأمنها، بينما اكتفت الولايات المتحدة بالتعبير عن “القلق” دون أن تعلن أي تغيير في موقفها التقليدي الرافض للاعتراف الأحادي.
من الناحية السياسية، يمثّل الموقف الفرنسي أكثر من مجرد خطوة رمزية؛ فهو رسالة واضحة بأن باريس تسعى لاستعادة زمام المبادرة في ملف الشرق الأوسط، وتأكيد على أن المجتمع الدولي لم يعد قادراً على تجاهل المطالب الفلسطينية. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر في تحويل هذا الاعتراف والقرارات الأممية إلى واقع عملي على الأرض، وسط استمرار الانقسام الداخلي الفلسطيني، وتعنت الحكومة الإسرائيلية، وتعقيدات المشهد الإقليمي.
إن اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة ليس فقط حدثاً دبلوماسياً لافتاً، بل أيضاً جرس إنذار سياسي بأن الزمن قد حان لإيجاد تسوية عادلة، تعيد الأمل لشعب طال انتظاره، وتضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليته التاريخية في إنهاء صراع تجاوز قرناً من الزمن.