في خطوة استراتيجية تستجيب للتوجيهات الملكية السامية الرامية إلى إصلاح القطاع العام وتعزيز اللامركزية، شرع المغرب رسميًا في تنفيذ إصلاح هيكلي عميق لقطاعي توزيع الماء والكهرباء، وذلك من خلال إحداث “الشركات الجهوية متعددة الخدمات”، التي تهدف إلى نقل مهام توزيع هذه الموارد الحيوية من المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (ONEE) إلى كيانات جهوية أكثر قربًا من المواطن.
ويأتي هذا التحول في إطار تفعيل القانون 83-21، المتعلق بإحداث الشركات الجهوية متعددة الخدمات، والذي ينص على إعادة هيكلة منظومة التوزيع وتعزيز الحكامة الترابية في هذا المجال. وقد بدأت هذه الدينامية بالفعل على أرض الواقع، حيث تم تأسيس الشركة الجهوية متعددة الخدمات الدار البيضاء-سطات، التي انطلقت فعليًا في ممارسة مهامها مطلع أكتوبر 2024، منهية بذلك عقود التدبير المفوض السابقة، وعلى رأسها عقد “ليديك” الفرنسي في العاصمة الاقتصادية.
ورغم أن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب لم يتغير اسمه، إلا أنه يشهد تحوّلًا مؤسساتيًا مهمًا، حيث تعاقد مع شركتي الاستشارة العالميتين “ماكينزي” و”إرنست أند يونغ” لمواكبته في إعادة هيكلة بنيته التنظيمية والوظيفية، بهدف تركيز مهامه على الإنتاج ونقل الماء والطاقة، بينما توكل مهام التوزيع إلى الشركات الجهوية الجديدة.
وفي هذا السياق، يُستحسن الوقوف عند نموذج ميداني يعكس حجم التحديات اليومية وأيضًا الجهود المبذولة على مستوى الجهات، كما هو الحال في المكتب المحلي للكهرباء والماء بجماعة فضالات، إقليم بنسليمان. فرغم كونه مكتبًا صغيرًا من حيث البنية، إلا أنه يستقبل يوميًا أعدادًا كبيرة من المواطنين، سواء لأغراض الاشتراك في الخدمة، أو الأداء، أو معالجة مشاكل تقنية. ويُشهد لأطر هذا المكتب بالجدية والتفاني في أداء واجبهم، حيث يعمل الطاقم بكل شفافية ونزاهة لتقديم خدمات تليق بكرامة المواطن.
ويبرز من بين هؤلاء الأطر الموظف مصطفى فوزي، الذي يعتبر نموذجًا في حسن المعاملة والنجاعة، حيث يشتغل جنبًا إلى جنب مع زملائه ورئيس المكتب في أجواء من الانضباط وروح الفريق، مما يعكس الصورة الإيجابية التي يسعى هذا الإصلاح لترسيخها في كافة جهات المملكة.
ويهدف هذا الإصلاح إلى تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وضمان الاستدامة المالية والبيئية للقطاع، إضافة إلى توسيع نطاق الاستثمارات الجهوية وتحقيق عدالة مجالية في الولوج إلى الخدمات الأساسية.