
يعتبر المطبخ المغربي من أغنى المطابخ في العالم، بفضل تنوعه المستوحى من الثقافات الأمازيغية والعربية والأندلسية والفرنسية. ومن بين الحلويات التي تعكس هذا الغنى والتنوع، تبرز حلوى كعب غزال كواحدة من أشهر وألذ الحلويات التقليدية في المغرب. تتميز بشكلها المقوس الشبيه بحافر الغزال، مما منحها هذا الاسم المميز. تحظى هذه الحلوى بمكانة خاصة في المناسبات والأعياد المغربية، حيث تُقدم في حفلات الزفاف والأعياد الدينية، وحتى في جلسات الشاي التقليدية.
تعود أصول كعب غزال إلى قرون بعيدة، حيث ورد ذكرها في القرن الثاني عشر في كتاب “فضالة الخوان في طيبات الطعام والألوان” لمؤلفه ابن رزين التيجيبي. في ذلك الوقت، كانت تُصنع على شكل مستطيل، وكانت مكوناتها الأساسية تعتمد على اللوز المطحون والسكر وماء الزهر، وهي المكونات التي لا تزال تُستخدم حتى اليوم. ومع مرور الزمن، تطورت هذه الحلوى في شكلها لتأخذ هيئة الهلال أو “حافر الغزال”، مما يعكس تطور تقاليد الطهي المغربي وتأثرها بالعوامل الجمالية والفنية.
تتميز حلوى كعب غزال بشكلها الأنيق ولونها الذهبي الفاتح الذي يعكس بساطتها الفاخرة. تُحضّر بعجينة رقيقة جدًا تحوي في داخلها مزيجًا لذيذًا من اللوز المطحون والسكر وماء الزهر، مما يمنحها نكهة مميزة تجمع بين الحلاوة والرائحة العطرية الفريدة. تُخبز هذه الحلوى على نار هادئة حتى تكتسب لونًا ذهبياً جذابًا، مما يجعلها تذوب في الفم مع كل قضمة.
لتحضيرها، يتم مزج اللوز المطحون مع السكر والقرفة وماء الزهر لتكوين الحشوة، ثم يتم تحضير العجينة من الدقيق والزبدة وماء الزهر لتكون رقيقة ومرنة. بعد ذلك، تُشكل الحلوى بوضع الحشوة داخل العجين ولفّها برفق على هيئة هلال، ثم تُخبز حتى تكتسب لونها الذهبي المميز. تقدم عادةً مع الشاي المغربي بالنعناع، مما يجعلها جزءًا من تجربة الضيافة المغربية الأصيلة.
بالنسبة لعشاق السياحة الذوقية، يُعد تذوق كعب غزال في المغرب تجربة لا تُنسى. فزيارة الأسواق التقليدية مثل سوق المدينة القديمة في مراكش أو فاس تتيح للزوار مشاهدة الحرفيين وهم يصنعون هذه الحلوى بدقة متناهية. كما يمكن للزوار تجربة ورش عمل الطهي التي تنظمها رياضات تقليدية ومطاعم سياحية، حيث يتعلمون تحضير كعب غزال بأيديهم، مما يضفي بعدًا ثقافيًا ممتعًا على رحلتهم.
لا تعد حلوى كعب غزال مجرد حلوى عادية، بل هي تعبير عن التراث المغربي الأصيل، حيث تجتمع فيها الأناقة والبساطة والمذاق الفريد. إنها مثال حي على كيف يمكن للطعام أن يكون جسرًا ثقافيًا يجمع بين الشعوب، ما يجعلها محطة لا غنى عنها لأي زائر يرغب في اكتشاف سحر المغرب ونكهاته الفريدة. إذا كنت تخطط لزيارة المغرب، فلا تفوّت فرصة تذوق كعب غزال، فهي أكثر من مجرد حلوى، إنها تجربة تأخذك في رحلة عبر التاريخ والنكهات التي لا تُنسى.