صحة

حين يختار الإنسان السهر على حساب راحته

زينب السايح

في نهاية كل يوم طويل، حين يهدأ كل شيء من حولنا، نكتشف أن هناك رغبة غريبة تُمسك بنا. رغم التعب، رغم الإرهاق الذي يثقل أجسادنا، نجد أنفسنا نؤجل النوم، نفتح الهاتف، نجلس في صمت، أو نحدق في الفراغ وكأننا نبحث عن أنفسنا التي اختفت وسط الزحام. ليست عادة بسيطة، بل حاجة نفسية عميقة تُعرف باسم الانتقام من الحرمان من النوم.

هذه الحالة تصيب من يشعر أن يومه ليس ملكه، فيحاول استعادة السيطرة في الليل ولو على حساب راحته. نقضي ساعات النهار بين العمل، والالتزامات، والأدوار التي نؤديها من أجل الآخرين، حتى يصبح الليل هو اللحظة الوحيدة التي نحس فيها أن الوقت أخيرًا لنا.

لكن هذا الوقت الثمين الذي نحسبه حرية، يتحول ببطء إلى فخّ يسرق صحتنا. نعيش لحظات من السعادة الزائفة، نشعر أننا نستعيد أنفسنا، بينما الحقيقة أننا ننهكها أكثر. السهر يمنح راحة نفسية مؤقتة، لكنه يترك خلفه جسدًا مرهقًا وعقلًا مشوشًا لا يستطيع الاستمرار. إنها مفارقة مؤلمة: نبحث عن الراحة فنفقدها، نطلب الهدوء فنصحو على مزيد من التعب.

ربما الحل ليس في مقاومة النوم، بل في مصالحة أنفسنا مع فكرة أن الراحة ليست ترفًا، بل حقّ نمنحه لأنفسنا كما نمنح الآخرين وقتهم واهتمامنا. فحين نتعلم أن نعتني بأنفسنا قبل أن يطفئنا الإرهاق، سنكتشف أن أجمل لحظات الهدوء ليست تلك التي نسرقها من الليل، بل التي نعيشها بسلام مع أنفسنا.

Ahame Elakhbar | أهم الأخبار

جريدة أهم الأخبار هي جريدة مغربية دولية رائدة، تجمع بين الشمولية والمصداقية، وتلتزم بالعمل وفقًا للقانون المغربي. تنبع رؤيتها من الهوية الوطنية المغربية، مستلهمة قيمها من تاريخ المغرب العريق وحاضره المشرق، وتحمل الراية المغربية رمزًا للفخر والانتماء. تسعى الجريدة إلى تقديم محتوى يواكب تطلعات القارئ محليًا ودوليًا، بروح مغربية أصيلة تجمع بين الحداثة والجذور الثقافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا