سياسةعربية

مصر تحذر إثيوبيا وتؤكد تمسكها بحقوقها المائية بعد افتتاح سد النهضة

في نبرة حازمة تحمل دلالات سياسية وقانونية عميقة، وجّهت القاهرة رسالة صارمة إلى أديس أبابا عقب الافتتاح الرسمي لسد النهضة، مؤكدة أن صبر مصر على ما وصفته بـ”التصرفات الأحادية” له حدود، وأن أمنها المائي “خط أحمر” لا يمكن تجاوزه. وقد جاءت التصريحات المصرية بعد أن أعلنت الحكومة الإثيوبية بدء تشغيل السد بشكل كامل، في خطوة اعتبرتها القاهرة “تصعيدًا غير مسؤول” يهدد استقرار المنطقة ويضرب عرض الحائط بالقانون الدولي.

وزارة الخارجية المصرية شددت في بيان رسمي على أن مصر لا تعارض حق إثيوبيا في التنمية وتوليد الطاقة، لكنها ترفض أن يتم ذلك على حساب حياة أكثر من مئة مليون مصري يعتمدون على مياه النيل كمصدر شبه وحيد للمياه. وطالبت القاهرة مجددًا بالتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم ملء وتشغيل السد، ويضمن تدفق المياه بشكل مستقر، خصوصًا في فترات الجفاف، معتبرة أن استمرار إثيوبيا في فرض الأمر الواقع “لن يؤدي إلا إلى مزيد من التوتر في المنطقة”.

كما حذّرت مصر من مغبة استمرار الانتهاكات الإثيوبية للاتفاقات الدولية الخاصة بالأنهار العابرة للحدود، مؤكدة أنها لن تتردد في اتخاذ كل الوسائل الدبلوماسية والقانونية لحماية حقوقها التاريخية في نهر النيل. وأرسلت القاهرة رسالة إلى مجلس الأمن الدولي تشرح فيها خطورة الموقف، وتطالب بتدخل عاجل يضمن عدم الإضرار بالمصالح المائية لدول المصب، مشيرة إلى أن سياسة الصبر التي انتهجتها مصر على مدى السنوات الماضية ليست بلا نهاية.

الرئيس عبد الفتاح السيسي من جهته أكد أن مصر ستواصل الدفاع عن أمنها المائي بكل الوسائل المشروعة، مشددًا على أن التعاون هو الطريق الأمثل لتحقيق التنمية المشتركة، لكن بشرط احترام الحقوق التاريخية للدول. واعتبر أن بناء الثقة لا يتم عبر فرض الأمر الواقع، بل من خلال الالتزام بالتفاهمات والاتفاقيات الدولية التي تكفل العدالة والمصالح المتبادلة.

الدوائر الدبلوماسية في القاهرة ترى أن الأزمة بلغت مرحلة دقيقة تستوجب تحركًا دوليًا عاجلاً قبل أن تنزلق المنطقة نحو مواجهة مفتوحة. فبينما تواصل إثيوبيا تجاهل النداءات بالتنسيق والتشاور، تتمسك مصر بموقفها الثابت القائم على مبادئ القانون الدولي ومبدأ عدم التسبب في ضرر للدول الأخرى. وبين صبر مصر وتحذيراتها الواضحة، تبدو مياه النيل اليوم مرآة لصراع الإرادات بين التنمية والسيادة من جهة، والحقوق التاريخية والأمن القومي من جهة أخرى، في معادلة دقيقة تتجاوز حدود النهر إلى مستقبل المنطقة بأكملها.

جواد مالك

إعلامى مغربى حاصل على الاجازة العليا فى الشريعة من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس. عضو الاتحاد الدولى للصحافة العربية وحقوق الانسان بكندا . متميز في مجال الإعلام والإخبار، حيث يعمل على جمع وتحليل وتقديم الأخبار والمعلومات بشكل موضوعي وموثوق. يمتلك مهارات عالية في البحث والتحقيق، ويسعى دائمًا لتغطية الأحداث المحلية والدولية بما يتناسب مع اهتمامات الجمهور. يساهم في تشكيل الرأي العام من خلال تقاريره وتحقيقاته التي تسلط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المغرب. كما يتعامل مع التحديات اليومية التي قد تشمل الضغوط العامة، مما يتطلب منه الحفاظ على نزاهته واستقلاليته في العمل الإعلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا