
خلال كأس العالم 2018 بروسيا، لفت التشجيع المغربي انتباه العالم، خصوصاً ذلك الهتاف الجماعي الشهير الذي يردد فيه الجمهور بإيقاع واحد “سير سير سير”. لم يكن مجرد تشجيع عابر، بل شكل لوحة صوتية متناسقة تعكس روح الجماعة، والانضباط، والحماس الذي يميز المدرجات المغربية. هذا الأسلوب في التشجيع خرج سريعاً من نطاق المحلية، وتحول إلى ظاهرة دولية تناقلتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
ما ميّز هذا الهتاف ليس فقط كلماته البسيطة، بل طريقة أدائه الجماعي، حيث يشارك الآلاف في لحظة واحدة، بنفس الإيقاع والنبرة، ما يخلق طاقة قوية تنتقل إلى اللاعبين داخل الملعب وتؤثر حتى على الجماهير المنافسة. هذا المشهد جعل الكثيرين يعتبرون التشجيع المغربي نموذجاً حديثاً في ثقافة المدرجات، مختلفاً عن الصراخ الفردي أو الأغاني الطويلة المعتادة.
اليوم، ومع متابعة البطولات القارية والدولية، يلاحظ بوضوح أن جماهير عدة دول بدأت تعتمد نفس الأسلوب أو تحاكيه، سواء في الإيقاع أو في طريقة الترديد الجماعي. وفي كأس العرب 2025، التي أقيمت في قطر، كان هذا التأثير أكثر وضوحاً، حيث سُمعت هتافات متشابهة في عدد من المباريات، تؤدى بنفس الحماس والتنظيم، وإن اختلفت الكلمات واللغات.
هذا الانتشار لا يمكن اعتباره صدفة، بل هو دليل على قوة التأثير الثقافي الرياضي للمغرب، وعلى أن التشجيع لم يعد مجرد دعم للفريق، بل أصبح شكلاً من أشكال التعبير الحضاري والهوية الجماعية. لقد نجح الجمهور المغربي في تصدير أسلوبه الخاص إلى العالم، تماماً كما تصدر المنتخبات الكبيرة أساليب لعبها.
يمكن القول إن تشجيع “سير سير سير” لم يعد مرتبطاً فقط بذكرى كأس العالم 2018، بل تحول إلى بصمة مغربية في ثقافة الملاعب العالمية، بصمة تؤكد أن الإبداع لا يقتصر على أرضية الميدان، بل يمتد أيضاً إلى المدرجات، حيث تصنع الجماهير تاريخاً موازياً لا يقل أهمية عن نتائج المباريات.










