
في موقف وطني جامع، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي رفض مصر القاطع لأي مخطط لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، قاطعًا الطريق أمام أي محاولات لإعادة رسم خارطة الصراع على حساب الحقوق العربية. هذا الرفض لم يكن مجرد تصريح سياسي عابر، بل كان موقفًا مصريًا راسخًا اجتمعت عليه القيادة السياسية، الجيش، والفاعلون السياسيون في البلاد، في رسالة واضحة للعالم بأن مصر لن تفرط في دورها التاريخي ولن تساوم على القضية الفلسطينية مهما كانت الضغوط.
مصر اليوم تواجه أزمات اقتصادية شأنها شأن العديد من الدول، لكنها اختارت الطريق الأصعب، طريق الحفاظ على الثوابت الوطنية والعربية بدلًا من الرضوخ للحلول التي تخدم مصالح قوى خارجية. لقد كان الجيش المصري، كعادته، حارسًا للأمن القومي ومدافعًا عن السيادة، رافضًا أي محاولات لإقحام سيناء في معادلات لا تخدم سوى الاحتلال. كما اصطفّت مختلف القوى السياسية المصرية خلف هذا الموقف، مؤكدين جميعًا أن مصر لن تكون طرفًا في أي مشروع يسلب الفلسطينيين حقهم في وطنهم.
ورغم التحديات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، فإن شرف المصريين يظل أغلى من أي مزايدات أو تهديدات خارجية. فمعدل النمو الاقتصادي في مصر ارتفع إلى 3.5% في الربع الأول من السنة المالية 2024/2025، ومن المتوقع أن يصل إلى 4% بنهاية العام، بينما انخفض الدين الخارجي إلى 152.9 مليار دولار بعدما كان 168 مليار دولار، مما يعكس جهود الدولة في إدارة اقتصادها رغم الضغوط الهائلة. لكن، حتى مع هذه التحديات، أثبت المصريون أن هناك مبادئ لا يمكن بيعها أو المساومة عليها، وأن القضية الفلسطينية ستظل في صلب أولوياتهم مهما كانت الظروف.
قرار مصر لم يكن مجرد موقف سياسي، بل كان رسالة إلى العالم بأن القضية الفلسطينية لن تُحل على حساب دولة عربية أخرى، وأن الحل العادل هو الذي يحفظ حقوق الفلسطينيين في أرضهم، وليس من خلال تهجيرهم. لقد أثبتت القيادة المصرية أن المبادئ لا تخضع للمساومة، وأن التاريخ لا يرحم من يفرط في حقوق أمته.
لقد اختارت مصر الصعب، لكنها اختارت الشرف أيضًا، وفي زمن التحديات الكبرى، يبقى التاريخ شاهدًا على من صمد ومن سقط في مستنقع المساومات. وألف تحية للموقف العربي المصري الذي أثبت أن العروبة ليست شعارًا، بل مبدأ يُترجم على أرض الواقع، وأن فلسطين ستبقى في القلب مهما اشتدت الضغوط وتعاظمت التحديات.