
شهدت مصر خلال الأيام الماضية حالة من الجدل الشعبي والإعلامي بعد إغلاق سلسلة محلات “بلبن” الشهيرة، التي كانت قد حققت انتشارًا واسعًا في مختلف المحافظات، ووصل عدد فروعها إلى أكثر من 110 فرعًا. القرار جاء مفاجئًا للكثيرين، خاصة في ظل الشعبية الكبيرة التي تحظى بها العلامة التجارية، لكن سرعان ما بدأت تتكشف الأسباب الحقيقية التي دفعت الجهات المعنية لاتخاذ هذا الإجراء الصارم.
وزارة الصحة المصرية أصدرت بيانًا توضيحيًا كشفت فيه أن الإغلاق جاء بعد رصد عدد من المخالفات الصحية الخطيرة، تضمنت وجود مواد غذائية مجهولة المصدر، وأخرى منتهية الصلاحية، إضافة إلى اكتشاف بكتيريا ممرضة في بعض العينات التي تم تحليلها، ما يمثل خطرًا حقيقيًا على الصحة العامة. كما تم توثيق تشغيل بعض الفروع دون التراخيص اللازمة، واستعانة الشركة بعمالة غير مرخصة. هذه العوامل مجتمعة دفعت السلطات لاتخاذ إجراءات فورية حفاظًا على سلامة المستهلكين.
في المقابل، خرجت شركة “بلبن” ببيان رسمي أكدت فيه أن الإغلاق كان لأسباب تنظيمية وإدارية، نافية بشكل قاطع وجود حالات تسمم كما تم تداوله. وأكدت إدارة الشركة التزامها التام بإعادة هيكلة العمل وضمان الالتزام الكامل بالاشتراطات الصحية، موضحة أنها شركة وطنية نشأت بأيدٍ مصرية وتسعى للحفاظ على ثقة عملائها في الداخل والخارج، خاصة بعد توسعها إلى تسع دول عربية.
وأثار الإعلان الترويجي الأخير الذي بثته الشركة قبل الإغلاق موجة استياء واسعة، حيث اعتبره كثيرون مسيئًا وغير لائق، ما اضطر الشركة إلى سحب الإعلان وتقديم اعتذار رسمي للرأي العام. وقد جاء في بيانها: “نتقدم باعتذار صريح لكل من شعر بالإساءة من الإعلان الأخير. لم تكن نيتنا الإساءة لأي طرف، ونعمل حاليًا على مراجعة سياساتنا الإعلانية لضمان احترام الذوق العام والمجتمع المصري.”
بعد تدخل مباشر من الرئيس عبد الفتاح السيسي، أعلنت الحكومة عن السماح بإعادة افتتاح فروع “بلبن” تدريجيًا، بشرط الالتزام الكامل بتعليمات السلامة الغذائية والحصول على كافة التراخيص المطلوبة. وأكدت وزارة الصحة أنها ستواصل الرقابة الصارمة على كل المنشآت الغذائية، مشيرة إلى أن الهدف من الإجراءات المتخذة ليس التضييق على الاستثمار، بل حماية صحة المواطن المصري أولًا وأخيرًا.
في النهاية، تبقى الأزمة رسالة واضحة إلى كل الشركات العاملة في مجال الأغذية، بأن النجاح التجاري لا يعفي من احترام القواعد الصحية، وأن ثقة الناس تُبنى بالحفاظ على سلامتهم قبل أذواقهم.