سياسة

بنكيران: ماكرون مدلول ومن يبرر التطبيع ميكروبات.. قراءة في خلفيات التصعيد السياسي الجديد

أحدث الأخبار
مؤشرات الأسواق العالمية

في خطوة أثارت الكثير من الجدل وردود الفعل، وصف عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ”المدلول”، خلال تجمع جماهيري حاشد نظمه الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب يوم 1 ماي 2025 في الدار البيضاء. جاءت هذه التصريحات في سياق إعلان فرنسا الرسمي عن اعترافها بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وهو تطور دبلوماسي هام في العلاقات الثنائية، غير أن بنكيران اختار أن يسلّط الضوء على ما اعتبره تناقضاً في الموقف الفرنسي تجاه القضية الفلسطينية.

الرئيس الأسبق للحكومة المغربية عبّر عن استيائه من تصريحات ماكرون التي وضع فيها شروطاً للاعتراف بالدولة الفلسطينية، معتبراً أن فرنسا لا تزال تمارس ازدواجية المعايير، وتخضع لضغوطات دولية لا تخدم السلام العادل في الشرق الأوسط. الهجوم لم يقتصر على ماكرون فحسب، بل طال أيضاً أطرافاً داخلية في المغرب، حيث وصف بنكيران من يبررون التطبيع مع إسرائيل بـ”الميكروبات والحمير”، وهي تصريحات وُصفت بأنها غير مسبوقة في حدّتها، حتى بمعايير بنكيران الخطابية.

وتأتي هذه التصريحات في ظل محاولة واضحة من بنكيران لإعادة تموقع حزبه سياسياً، بعد التراجع الكبير في الانتخابات الأخيرة، مستعيناً بخطاب الممانعة والقيم الإسلامية الذي طالما ميز الحزب عن غيره. كما أن المؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية، المنعقد أواخر أبريل، شكّل فرصة أخرى لبنكيران ليؤكد موقفه الثابت من دعم حماس وفلسطين، حين قال: “حماس ستظل في قلوبنا، ودعم فلسطين واجب أخلاقي وديني وقومي”.

لكن توقيت التصعيد يطرح أسئلة حرجة، خصوصاً وأن الرئيس الفرنسي أعلن عن نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطين خلال مؤتمر دولي مرتقب في يونيو 2025. هذا المعطى قد يجعل من خطاب بنكيران الأخير متسرعاً أو غير متناسب مع التحولات المحتملة في الموقف الفرنسي، خاصة إذا تم الاعتراف فعلياً بدولة فلسطين، مما سيعني تحوّلاً مهماً في المواقف الغربية من الصراع.

من جهة أخرى، يرى مراقبون أن استخدام بنكيران لألفاظ جارحة في وصف خصومه السياسيين قد يضر بصورة الحزب أكثر مما يخدمها، ويمنح خصومه أدوات سهلة للنيل منه سياسياً وأخلاقياً. ففي حين يرى أنصاره في تصريحاته تعبيراً عن الصدق والشجاعة، فإن خصومه يعتبرونها نوعاً من التهور والخروج عن اللياقة السياسية، خصوصاً في السياق المغربي الذي يتطلب توازناً دقيقاً بين الخطاب الحزبي والدولة الرسمية.

بهذا الخطاب، يبدو أن بنكيران يعيد إنتاج المعادلة التي طالما ميزته: زعيم يجمع بين العفوية في التعبير، والحنكة في توظيف الرموز الكبرى مثل فلسطين والصحراء، لكن هذه المعادلة أصبحت أكثر تعقيداً في ظل التحولات الإقليمية والدولية. فهل ينجح بنكيران في إعادة حزبه إلى واجهة التأثير، أم أن لغة التصعيد ستكون هذه المرة عبئاً على المشروع السياسي الذي يدّعي تمثيله؟

جواد مالك

إعلامى مغربى حاصل على الاجازة العليا فى الشريعة من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس. عضو الاتحاد الدولى للصحافة العربية وحقوق الانسان بكندا . متميز في مجال الإعلام والإخبار، حيث يعمل على جمع وتحليل وتقديم الأخبار والمعلومات بشكل موضوعي وموثوق. يمتلك مهارات عالية في البحث والتحقيق، ويسعى دائمًا لتغطية الأحداث المحلية والدولية بما يتناسب مع اهتمامات الجمهور. يساهم في تشكيل الرأي العام من خلال تقاريره وتحقيقاته التي تسلط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المغرب. كما يتعامل مع التحديات اليومية التي قد تشمل الضغوط العامة، مما يتطلب منه الحفاظ على نزاهته واستقلاليته في العمل الإعلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

دعنا نخبرك بما هو جديد نعم لا شكرا