تعيش جماعة العاصمة الرباط حالة من الزلزال السياسي والإداري غير المسبوق، إثر اعتقال مجموعة من المسؤولين الجماعيين والموظفين، على خلفية شبهات فساد تتعلق بصفقات عمومية ومنح رخص مشبوهة لأشخاص محددين، بالإضافة إلى اتهامات تتعلق بتدبير الشأن العام المحلي. في ظل هذه الأجواء المشحونة، اختارت رئيسة المجلس الجماعي للرباط، التجمعية فتيحة المودني، الصمت، مما زاد من حدة التساؤلات حول طبيعة هذه الاعتقالات وملابساتها.
في مواجهة هذا الصمت، بادر فريق العدالة والتنمية بالمجلس إلى توجيه سؤال كتابي لرئاسة المجلس، طالباً توضيح طبيعة التوقيفات وهل تم استلام أي مراسلات رسمية من الجهات المختصة بهذا الشأن. كما دعا الفريق إلى فتح تحقيق إداري داخلي لتحديد المسؤوليات الإدارية والتنظيمية، وإلى الكشف عن التدابير التي ستتخذها العمدة لضمان احترام مبادئ الشفافية والنزاهة في إدارة الجماعة مستقبلاً، بالإضافة إلى الإجراءات التي تعتزم اتخاذها لضمان استمرارية المرفق العمومي وسير مصالح المواطنين في ظل هذه المستجدات الحرجة.
ولم يقتصر القلق على الاعتقالات فقط، بل شمل أيضاً وضعية الموارد البشرية داخل الجماعة، خصوصاً فيما يتعلق بالتقرير النهائي للمجلس الجهوي للحسابات، الذي طالبت فرق المعارضة بعرض نتائجه وتوصياته على المجلس، تطبيقاً لمقتضيات الحكامة المنصوص عليها في القانون التنظيمي رقم 113.14، لضمان شفافية أكبر، خاصة بعد تسرب بعض تفاصيل التقرير عبر وسائل الإعلام. من اللافت أن فريق العدالة والتنمية عبر عن استغرابه من عدم علم بعض أعضاء المكتب المسير بتفاصيل الملف الذي أدى إلى التحقيق مع كبار المسؤولين، وهو ما يثير تساؤلات جدية عن مدى تداول المعلومات والشفافية داخل الهيكل الإداري لجماعة الرباط.
تأتي هذه الأزمة في وقت تتزايد فيه المطالب بحوكمة أكثر صرامة داخل المجالس الجماعية، حيث تسعى الأحزاب السياسية والمجتمع المدني إلى محاسبة المتورطين في ملفات الفساد، وتحقيق إدارة محلية تتسم بالنزاهة والشفافية. وفي ظل هذه المستجدات، يبقى المواطن الرباطي ومصالحه في قلب الاهتمام، في انتظار خطوات فعلية وواضحة من طرف القيادة الجماعية لرفع الغموض عن هذه الملفات وضمان استمرارية العمل ورفاهية السكان.
