
في زمن تتكلم فيه قوى الباطل، وتخبو فيه أصوات العدل، ينهض الشعب الفلسطيني – وفي القلب منه أهل غزة – شامخًا، رغم الجراح والحصار والخلعان. إنه شعبٌ حفر على صخرة الكل معنى الصمود، وحمل على كاهله كرامة الأمة، رغم أنه من المفترض أن “الأشقاء” قد تخلّى عنها، وتركوها فريسة لأعتى آلة قتل عرفها التاريخ الحديث. منذ 7 أكتوبر 2023، وقطاع غزة يتعرض لعدوان همجي غير شامل، حتى منتصف مارس 2025، استشهاد أكثر من 50 ألف فلسطيني ، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال، وفقًا لبيانات وزارة الصحة الفلسطينية وتوثيقات الأمم المتحدة.
مدينة كاملة أصبحت أطلالا ، وبيوت محيت من الوجود ، ومستشفيات ومدارس باتت تحت الركام، بينما يكتفى العالم بنزف الدماء على الشاشات دون أن يرف له جفن . لكن الأخطر من القصف ، هوالتجويع الممنهج، والإبادة البطيئة. لقد أصبح أهل غزة منبوذون ، لاجئين في أرضهم، يعيشون بلا ماء ولا كهرباء، ولا أقل حركة ولا حياة. شعبٌ يُحاصَر ويقصف ويشرد، ثم يُطالب بالصمت، الحق في الحياة أصبح ترفًا لا يملكه. وما يضاعف من جملة الألغاز، ذلك الصمت العربي المطبق، الذي لم يعد مجرد حياد، بل تحوّل – في بعض الحالات – إلى تواطؤ فاضح. نظم هرولت التنسيق مع العدو ليحتل الأرض ويقتل الأطفال، واعتقدت أنها تنال “الرضا” أو ” الطمأنينة “، لكن القرآن قرر الأمر منذ أكثر من ألف عام بينما قال الله : “وَلَن تَرضَى عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى “. ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَى ۗ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُم بَعْدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَالَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ” (البقرة: 120).
آية تحذير لكل من يظن أن التنازل عن الدين أو بديهيات الحقوق سيشتري ود العدو .
المعاناة الحقيقة أن الصمت لا يعطي إلا قراءة من الذل والتبعية . لقد دُمرت غزة بالكامل، وشعبها بات مشرّدًا يلاحقه القصف والفقر والخذلان. لكن هل كُتب على الفلسطيني أن يُقتل بقانون الغاب؟
يلزم هذا الشعب إرادة حقيقية وقرارات جديدة. أول خطوات الحل تبدأ بالاعتراف الدولي بالكامل لقضية مشهورة في العودة إلى ديارهم، برعاية الأمم المتحدة ، وبعيدًا عن التسويف والتأجيل. ويجب أن تواكب هذه المبادرات مبادرة عربية وإسلامية إعمار غزة بشكل شامل، من خلال: صن
*إعادة توطين الفلسطيني في أرضه الأصلية، لا في مخيمات الشتات، بإشراف أممي وضمانات ملزمة.
*برامج إسكان وتمليك مجانية لمن تهدمت بيوتهم، مدعومة من حكومات ومؤسسات أهلية.
*تشجيع استثمارات الفلسطينيين في الخارج داخل غزة والضفة، وربطهم بوطنهم اقتصاديًا.
*إطلاق مشاريع ريادية تخلق فرص عمل وتقلل الاعتماد على المساعدات الخارجية.
*تأسيس بنك إنمائي فلسطيني عربي مشترك يدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
*إطلاق عملة رقمية فلسطينية تعزز السيادة الاقتصادية وتكسر قبضة الاحتلال.