
السنة الأمازيغية، التي تُعرف أيضًا بـ”إيض يناير”، تُعتبر مناسبة تاريخية وثقافية هامة في المغرب، حيث يعكس الاحتفال بها عمق ارتباط المغاربة بجذورهم الأمازيغية وتقاليدهم العريقة. هذا اليوم الذي يصادف 14 يناير من كل عام (وفقًا للتقويم الميلادي)، يحمل في طياته أبعادًا تاريخية وتراثية تدل على غنى الهوية المغربية وتنوعها.
يعود الاحتفال بالسنة الأمازيغية إلى تقويم زراعي قديم يُستخدم منذ آلاف السنين في شمال إفريقيا. هذا التقويم، الذي يزيد عمره عن 2975 سنة، يرتبط بدورة الفصول والزراعة، مما يعكس ارتباط الأمازيغ بالأرض والطبيعة. يُقال إن بداية هذا التقويم ترجع إلى اعتلاء الملك الأمازيغي شيشناق عرش مصر القديمة بعد انتصاره على الفراعنة في عام 950 قبل الميلاد.
يتجلى الاحتفال بالسنة الأمازيغية في مظاهر احتفالية متنوعة تعكس التنوع الثقافي للمناطق المغربية:
1. الأطباق التقليدية: تُحضَّر مأكولات خاصة مثل “تاكلا” (العصيدة) و”الكسكس”، حيث تُعتبر هذه الأطباق رمزًا للخصوبة والخير.
2. اللباس التقليدي: يرتدي الناس الملابس الأمازيغية التقليدية المزينة بالرموز والألوان الزاهية التي تعكس جمال التراث الأمازيغي.
3. الأغاني والرقصات: تُقام حفلات موسيقية ورقصات شعبية مثل أحيدوس وأحواش في القرى والمناطق الأمازيغية.
4. الرمزية الزراعية: يحتفل الناس بالخير القادم من خلال طقوس ترتبط بالزراعة، مثل غرس الأشجار وتقديم الهدايا من محاصيل .
الاحتفال بـ”إيض يناير” ليس مجرد مناسبة تقليدية، بل هو تعبير عن الاعتزاز بالهوية الأمازيغية التي تُعد جزءًا أساسيًا من المكونات الثقافية للمغرب. ومنذ اعتماد الأمازيغية لغة رسمية في دستور 2011، ازدادت الجهود لتعزيز مكانتها في المجالات الثقافية والتعليمية والإعلامية.
في السنوات الأخيرة، اكتسبت السنة الأمازيغية زخمًا رسميًا وشعبيًا أكبر، مع دعوات لإعلانها عيدًا وطنيًا وعطلة رسمية في المغرب. ويُعد هذا الاعتراف جزءًا من مسار المصالحة مع التراث الثقافي الأمازيغي وتعزيز التعايش بين مختلف مكونات الهوية المغربية.
يمثل الاحتفال بالسنة الأمازيغية رسالة رمزية عن الوحدة والعيش المشترك بين المغاربة بمختلف انتماءاتهم، كما يُذكّر بقيمة الحفاظ على التراث وتوريثه للأجيال القادمة. إنها مناسبة للاحتفاء بجمال التنوع المغربي وللتأكيد على مكانة الأمازيغية كجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية.