
دائما وفي إطار الحديث عن جرثومة المعدة لابد أن نعيد تعريفها وطرق علاجها والوقاية منها من طرف مختص..
**تُعد جرثومة المعدة، أو الهيليكوباكتر بيلوري، من أكثر أنواع العدوى البكتيرية انتشارًا في العالم، حيث تصيب نسبة كبيرة من الأشخاص دون أن تظهر عليهم أعراض واضحة في بعض الأحيان. ومع ذلك، يمكن أن تؤدي هذه البكتيريا إلى التهابات حادة في المعدة، وتكون السبب الرئيسي في الإصابة بالقرحة الهضمية، بل وقد تساهم في بعض الحالات في تطور سرطان المعدة.
توضح الدكتورة الوافي لبنى، اختصاصية في الجهاز الهضمي، أن أعراض الإصابة بجرثومة المعدة تختلف من شخص لآخر، لكن أكثرها شيوعًا يشمل الشعور بآلام أو حرقة في المعدة، خصوصًا عند الجوع، إضافة إلى الانتفاخ والغثيان ورائحة الفم الكريهة. قد يعاني بعض المرضى أيضًا من فقدان الشهية أو فقدان غير مبرر للوزن، وفي الحالات المتقدمة قد يظهر نزيف هضمي يسبب برازًا داكنًا أو قيئًا ممزوجًا بالدم.
أما عن طرق التشخيص، فتشير الدكتورة إلى وجود عدة اختبارات يمكن الاعتماد عليها، من بينها تحليل البراز للكشف عن مستضدات البكتيريا، واختبار التنفس باليوريا الذي يعتبر من أكثر الطرق دقة، بالإضافة إلى تحليل الدم الذي يكشف عن الأجسام المضادة، وإن كان أقل دقة، وأخيرًا، قد يلجأ الأطباء إلى التنظير الهضمي في بعض الحالات التي تتطلب فحصًا أعمق.
بالنسبة للعلاج، تؤكد الدكتورة الوافي أن الخطوة الأساسية في القضاء على الجرثومة تتمثل في الالتزام بالعلاج الثلاثي، والذي يشمل نوعين من المضادات الحيوية إلى جانب دواء يقلل من حموضة المعدة، مثل مثبطات مضخة البروتون، مما يساعد على تحسين فعالية العلاج وتقليل تهيج المعدة. وفي حال مقاومة البكتيريا لهذا العلاج، قد يتم اللجوء إلى إضافة دواء رابع لتعزيز الفعالية.
إلى جانب العلاج الدوائي، تلعب الوقاية دورًا مهمًا في تجنب الإصابة مجددًا، حيث تنصح الدكتورة باتباع نمط غذائي صحي يتضمن تجنب الأطعمة الحارة والحمضية التي قد تزيد من تهيّج المعدة، مع الإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك مثل الزبادي لدعم صحة الجهاز الهضمي. كما يمكن لبعض العلاجات الطبيعية مثل الشاي الأخضر وزيت الزيتون أن تلعب دورًا مساعدًا في محاربة البكتيريا، وإن كانت لا تغني عن العلاج الطبي.
في النهاية، تشدد الدكتورة الوافي على ضرورة استشارة الطبيب في حال استمرار الأعراض رغم العلاج، أو عند فقدان الوزن بشكل ملحوظ دون سبب واضح، أو في حالة ظهور علامات النزيف الهضمي مثل القيء الدموي أو البراز الأسود. وتؤكد أن علاج جرثومة المعدة ممكن وفعال، بشرط الالتزام بالخطة العلاجية وعدم التهاون في استكمال الجرعات الموصوفة، مع مراعاة الوقاية للحفاظ على صحة الجهاز الهضمي وتجنب الإصابة مجددًا.
(*) لبنى الوافي : طبيبة اختصاصية امراض الكبد والجهاز الهضمي وجراحة المخرج بالمحمدية