
في تطور لافت يعكس تغيرًا في موازين الأزمة المتصاعدة في الشرق الأوسط، خرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن صمته حيال الحرب الأميركية على إيران، ليعلن في موقف حازم إدانة بلاده الشديدة للضربات الأميركية التي استهدفت منشآت إيرانية نووية وعسكرية. وخلال لقائه بوزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي في موسكو، اعتبر بوتين أن العدوان الأميركي “غير مبرر ولا أساس له قانونيًا أو أخلاقيًا”، مؤكدًا أن روسيا التي التزمت الحياد في بداية النزاع “لن تقف مكتوفة الأيدي في وجه عدوان شامل يستهدف أمن وسيادة دولة صديقة”.
الكرملين من جهته وصف الهجوم الأميركي بـ”التصعيد الخطير” الذي قد يؤدي إلى كارثة إقليمية شاملة، محذرًا من أن توسيع نطاق الحرب لن يخدم مصالح أحد، بل سيزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة. كما أشار المتحدث باسم الرئاسة الروسية إلى أن الضربات الأميركية قد تسببت في تلوث إشعاعي جزئي نتيجة استهداف البنية النووية الإيرانية، وهو ما اعتبرته موسكو تهديدًا ليس لإيران فقط بل للمنطقة بأكملها.
وفي لهجة غير معتادة، وجّه بوتين تحذيرًا صريحًا للولايات المتحدة، لا سيما للرئيس الأميركي دونالد ترامب، مفاده أن روسيا تحتفظ بحقها الكامل في دعم إيران “بجميع الوسائل المتاحة”، وفق ما تقتضيه الحاجة الدفاعية الإيرانية. وأضاف بوتين أن بلاده تدرس تقديم مساعدات استراتيجية لطهران، دون أن يحدد طبيعتها، مؤكدًا أن “المعادلة الجيوسياسية لم تعد تسمح بانفراد القوة، وأن احترام السيادة يجب أن يعود إلى صلب القانون الدولي”.
هذا الموقف الروسي الجديد يعكس قلقًا متزايدًا من تحوّل الصراع إلى حرب شاملة، وربما إلى مواجهة مباشرة بين القوى الكبرى. روسيا التي حاولت لعب دور الوسيط منذ اندلاع التوتر، تبدو اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى الاصطفاف الكامل إلى جانب إيران، في مشهد يعيد إلى الأذهان ملامح الحرب الباردة، ولكن على أرضية شرق أوسطية ملتهبة. وفي ظل هذا التصعيد، تتجه الأنظار إلى الخطوات التالية التي قد تُقدم عليها موسكو، والتي قد تكون حاسمة في تغيير وجه النزاع وإعادة رسم خطوط التماس بين الشرق والغرب.