
مع كل اقتراب لعيد الفطر أو تغيير موسمي، يتجدد الجدل في المغرب حول استمرار اعتماد التوقيت الصيفي (GMT+1) على مدار العام. في حين تبرر السلطات هذا القرار بمكاسب اقتصادية تتعلق بترشيد استهلاك الطاقة وتحسين الإنتاجية، تكشف الدراسات العلمية عن تداعيات خطيرة على الصحة العامة والأداء اليومي للمواطنين. فهل حقًا تحقق الساعة الإضافية الفوائد المرجوة، أم أنها مجرد عبء جديد يُثقل كاهل المغاربة؟
اضطراب الساعة البيولوجية وتأثيرات النوم
يؤكد العلماء أن الجسم البشري مبرمج على نمط زمني محدد يتماشى مع الضوء الطبيعي، وأي تغيير مفاجئ في هذا التوازن قد يسبب اضطرابات في النوم. دراسة مغربية كشفت أن 77% من المواطنين يعانون من صعوبات في النوم خلال الأيام الأولى بعد كل تغيير في التوقيت، حيث يفقد الفرد ما بين ساعة إلى ساعتين من الراحة يوميًا، مما يؤثر على تركيزه وإنتاجيته.
زيادة مخاطر الأمراض القلبية والوعائية
ربطت عدة أبحاث بين اعتماد التوقيت الصيفي وارتفاع احتمالات الإصابة بالسكتة القلبية والجلطات الدماغية. ويرجع ذلك إلى التغير المفاجئ في إيقاع النوم والاستيقاظ، مما يسبب ضغطًا إضافيًا على القلب والأوعية الدموية. إحدى الدراسات الحديثة أكدت أن خطر الإصابة بالنوبات القلبية يزداد بنسبة 24% خلال الأسبوع الأول بعد تعديل الساعة.
ارتفاع معدل حوادث السير
لا تقتصر التأثيرات السلبية على الصحة فقط، بل تمتد إلى السلامة العامة. فالحرمان من النوم الناجم عن تغيير التوقيت يؤدي إلى انخفاض مستوى التركيز وردود الفعل لدى السائقين، مما يرفع من احتمالات وقوع حوادث السير. الإحصائيات تشير إلى أن معدل الحوادث يشهد ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأيام الأولى بعد تغيير الساعة.
تراجع الإنتاجية في العمل والدراسة
أفادت دراسات ميدانية أن 54% من الموظفين يشعرون بالإرهاق ونقص التركيز بعد تغيير التوقيت، مما يؤدي إلى انخفاض واضح في الإنتاجية. نفس التأثير ينعكس على التلاميذ والطلاب، حيث يعانون من صعوبة في التكيف مع الجدول الجديد، ما يؤثر على استيعابهم للدروس وأدائهم في الامتحانات.
مخاطر صحية أخرى
إلى جانب اضطرابات النوم وأمراض القلب، يُحذّر الخبراء من أن الساعة الإضافية قد تساهم في زيادة معدلات الإصابة بالسكري والاكتئاب واضطرابات المزاج. إذ إن تغيير إيقاع الجسم الطبيعي يؤثر على إفراز الهرمونات، مما قد يُضعف الجهاز المناعي ويسبب اضطرابات نفسية وسلوكية.
هل حان وقت المراجعة؟
في ظل هذه التأثيرات السلبية، يطالب العديد من الخبراء والمواطنين بإعادة تقييم جدوى العمل بالتوقيت الصيفي الدائم في المغرب، ودراسة الحلول البديلة التي توازن بين الفوائد الاقتصادية المفترضة والضرر الصحي والنفسي الذي يعاني منه المواطنون. فهل ستستجيب السلطات لهذه المطالب أم أن الساعة الإضافية ستظل واقعًا مفروضًا رغم الجدل المستمر؟