
في الإسلام، يُعتبر الرزق من أسمى نعم الله التي يمنحها لعباده، وقد ورد ذكر الرزق في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بشكل متكرر، مما يدل على أهمية الاطمئنان إلى أن الرزق بيد الله وحده، وأنه لا داعي للخوف من فقدانه أو القلق بشأنه. أولى الإسلام أهمية كبيرة للاعتقاد بأن الرزق هو من تدبير الله تعالى. في القرآن الكريم، قال الله سبحانه وتعالى: “وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا” (هود: 6). هذه الآية تبيّن أن الله هو الرازق لكل مخلوق، وأنه لا أحد يمكنه أن ينقص من رزق شخص مهما كانت الظروف. كما أن الإسلام يطمئننا إلى أن الرزق مكتوب ومحدد لكل إنسان منذ لحظة ولادته. قال الله تعالى في سورة الزمر: “اللَّهُ يَبْسُطُ الرَّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ” (الزمر: 53). ومن هذا المنطلق، يجب على المسلم أن يطمئن إلى أن رزقه لا يمكن أن يتغير أو ينقص إلا وفق ما كتبه الله.
الإسلام لا يدعونا إلى الجلوس دون عمل أو كسل، بل يحثنا على السعي وطلب الرزق بجد واجتهاد. في الحديث الشريف قال النبي صلى الله عليه وسلم: “اعْلَمْ أَنَّ فِيهِ قُدَرًا وَيُؤْتِي النَّاسَ رِزْقًا مِنْهُ إِلَّا مَا قَسَمْتَ وَلَا تَعْمَلْ إِلَّا مَا تَرَى فِي فَارِسَ لَا تَحْتَسِبْ إِلَّا مَا تَكْتُبُ فِي سِجِلِّك” (رواه الترمذي). إذن، يجب على المسلم أن يعمل بجد في سبيل تحصيل الرزق، مع الاعتقاد بأن الله هو الذي يحدد نهاية هذا العمل. ويُعتبر الرزق في الإسلام ليس مجرد المال فقط، بل يشمل الصحة، والعافية، والسعادة، والأولاد، وغيرها من النعم التي يمنحها الله للإنسان. عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ من أُعطي الرِّزق أُعطي الحياة الطيبة، وإنَّ من أُعطي المال لم يُؤْتَ الرَّاحَة” (رواه مسلم). ومن هنا يجب على المسلم أن يكون شاكراً لما رزقه الله، سواء كان في صورة مال أو صحة أو غيرها.
التقوى والقناعة هما السبيل لحياة هنيئة خالية من القلق بشأن الرزق. في الحديث الشريف: “من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا” (رواه الترمذي). هذا يدل على أن الرزق يكمن في القناعة والرضا بما رزقنا الله، وطمأنينة النفس تجاه الرزق لا تأتي إلا من إيمان عميق بالله. وأحياناً، قد يبدو أن الرزق غائب أو صعب المنال، لكن الله قادر على أن يفتح لنا أبوابًا لا نتوقعها. يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: “وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِب” (الطلاق: 2-3). هذه الآية تعزز فكرة أن الرزق يمكن أن يأتي من حيث لا ندري، وأن الله هو مصدره الوحيد.
إن عدم الخوف من الرزق هو ناتج عن الثقة التامة في الله والاعتقاد بأن الرزق مقدر ومكتوب. الإسلام يعلمنا أن نعمل بجد ونبذل الأسباب، ولكن في الوقت نفسه، يجب أن نعلم أن الرزق ليس بيدنا، وأنه متروك لله الذي يرزقنا من حيث لا نحتسب. كما أن القناعة والرضا بما قسمه الله لنا يجلبان الراحة النفسية وطمأنينة القلب.