حتى لا يتطاول أحد بالمزايدة على غيره في الوطنية، ولا يزايد علينا في الدفاع عن قضايا الوطن وقضايا الأمة الإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي ظلت وستظل في صدارة أولويات المغرب، جنبا إلى جنب مع قضية وحدته الترابية ، نضع الحقيقة في موضعها، ونسمي الأشياء بمسمياتها، ونرفع الإلتباس عمن يستحق الإعتراف.
حتى لا يساء فهم انتماء السيد أندري أزولاي لوطنه المغرب، ولا ينتقص من سيرته من قبل من يرهقهم البحث عن الحقيقة أو يضللون الناس بمركبات النقص أو أحقاد دفينة، نقول لهم بوضوح ، إن أندري أزولاي مغربي أصيل و أمازيغي من ابناء إفران الأطلس الصغير ، منح لوطنه ما لم يقدمه أدعياء الوطنية ممن غرقوا في ظلمات فقه الفتنة والتضليل، وتاهوا عن دروب الحقيقة والتاريخ.
لقد سجلت سجلات المقاومة وجيش التحرير بصمات واضحة لأسرة أزولاي، هذه الأسرة المغربية اليهودية التي لم تتخل يوما عن إنتمائها الوطني كغيرها من العائلات اليهودية المغربية الأصيلة . فقد كان والده موظفا في عهد الحماية الفرنسية، غير أنه أُعفي من مهامه بسبب مساندته الصريحة للوطنيين المغاربة، وحضوره البارز في الحركة الوطنية إلى جانب وطنيين من أصول يهودية، من بينهم والد الأديب الكبير إدمون عمران المالح، الذي إنتقل من آسفي إلى الصويرة ونسج علاقات نضالية متينة مع رجالات الحركة الوطنية في مواجهة الإستعمار .
لقد أدرك المستعمر الفرنسي حينها مدى خطورة الأدمغة اليهودية في هندسة المقاومة المسلحة وإرباك حساباته، فصادر المحل التجاري لوالد أزولاي ونفاه إلى محاميد الغزلان بالصحراء الشرقية المغربية ، وهناك في طفولته، تشرب أندري أزولاي وإدمون عمران المالح مبادئ النضال الجذري، فانخرطا لاحقا في صفوف حزب التحرر والاشتراكية، وتعرضا للسجن لمواقفهم الوطنية، إلى جانب المناضل أبراهام السرفاتي، في دلالة واضحة على الهوية النضالية التي كانوا ينتمون إليها.
وبعد الاستقلال، ومع دخول المغرب مرحلة سياسية جديدة، التحق أندري أزولاي بمؤسسات الدولة، حيث شغل منصب مستشار كبير لدى وزير المالية والاقتصاد حينها، الزعيم الاتحادي الراحل عبد الرحيم بوعبيد، في وقت كانت أمامه فرص عديدة لتولي مناصب رفيعة في فرنسا، لكنه إختار التشبث بجذوره المغربية، إيمانا منه بقيم المواطنة والوفاء لوطن نشأ فيه وتشبع بحبه.
أندري أزولاي هو واحد من أبرز وجوه النخبة المغربية اليهودية التي بقيت وفية للمغرب، في زمن اختار فيه معظم أبناء الطائفة اليهودية الهجرة إلى الغرب . إشتغل بالصحافة، وتألق في عالم المال، وأسهم بفعالية في الحقل الثقافي والإجتماعي، وكان من الفاعلين البارزين في مجال الحوار الحضاري والتسامح والعيش المشترك. وقد بزغ إسمه في المشهد العام منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، حين عينه الملك الراحل الحسن الثاني مستشارا له، وإستمر في أداء مهامه إلى جانب جلالة الملك محمد السادس، مثالا للوفاء، ورمزا من رموز التعايش المغربي الفريد .
ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان
النائب الأول لرئيس المرصد الوطني للدراسات الإستراتيجية.