
قصة نبي الله نوح عليه السلام وزوجته هي من القصص التي تحمل دروسًا كبيرة عن الإيمان، الصبر، والابتلاء. كان نوح عليه السلام نبيًا مرسلًا من الله، أمره الله أن يدعو قومه إلى عبادة الله وحده، وأن يتركوا عبادة الأوثان. ولكن رغم سنوات طويلة من الدعوة، استمر قومه في كفرهم ورفضهم لرسالة الله. كانت رحلة نوح عليه السلام مليئة بالصعاب، لكن أحد أكبر الابتلاءات التي واجهها كانت من أقرب الناس إليه، زوجته.
زوجة نوح كانت من الكافرين الذين رفضوا الإيمان برسالته. ورغم أن نوحًا كان نبيًا ورسولًا عظيمًا، وكانت دعوته متواصلة، إلا أن زوجته بقيت على طريقتها في الكفر ورفضت التوبة والإيمان. في القرآن الكريم، وردت قصتها في سورة التحريم، حيث يقول الله تعالى: “ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۚ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ” (التحريم: 10).
هذه الآية تُظهر أن زوجة نوح لم تكن مع زوجها في الإيمان، بل كانت من الذين رفضوا دعوته، بل سخروا منها. ورغم أن نوحًا عليه السلام كان في أعلى درجات الصبر على قومه وأهله، إلا أن زوجته كانت من بين الذين كذبوا به ورفضوا الرسالة.
وعندما أمر الله نوحًا ببناء السفينة استعدادًا للطوفان العظيم، الذي كان سيغرق الأرض بسبب كفر الناس، لم تكن زوجته من الذين آمنوا معه. وحين جاء الطوفان، كان نوح عليه السلام في السفينة مع المؤمنين من قومه وأسرته، إلا أن زوجته كانت من الهالكين، حيث لم تنفعها القرابة بنبي الله في النجاة. قال الله تعالى في القرآن الكريم: “إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ” (هود: 46).
هذه القصة تعلمنا أن العلاقة الزوجية في الإسلام يجب أن تكون مبنية على الإيمان والطاعة لله، وأن الإيمان لا يتوقف على القرابة أو النسب. حتى وإن كان الشخص قريبًا جدًا، فإن النجاة في الآخرة تعتمد على إيمانه بالله واتباعه لرسالة الأنبياء. تُظهر القصة أيضًا أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يهدي من يشاء، وأن الدعوة إلى الله قد تكون صعبة، حتى مع أقرب الناس، لكن الإصرار على الحق والتوكل على الله هو السبيل الوحيد لتحقيق النجاة.
قصة نبي الله نوح وزوجته تحمل في طياتها العديد من العبر والدروس. تذكرنا أن الدعوة إلى الله تتطلب صبرًا طويلًا، وأن الإيمان الحقيقي هو الذي يحدد مصير الإنسان، بغض النظر عن العلاقة الأسرية أو النسب.