في خطوة تعكس تصعيدًا واضحًا في استراتيجيتها العسكرية، كشفت إيران عن قاعدة صاروخية جديدة تحت الأرض بحضور اللواء حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري الإيراني. هذه القاعدة، التي وصفها سلامي بأنها “جزء صغير من قدرات إيران الصاروخية”، تمثل عنصرًا مهمًا في استراتيجية الردع الإيرانية وسط تصاعد التوترات الإقليمية والدولية.
تأتي هذه القاعدة في سياق سلسلة من المنشآت السرية التي تطلق عليها إيران “مدن الصواريخ”. وقد كشفت إيران لأول مرة عن بعض تفاصيل هذه القواعد عام 2020، حيث تضمنت مشاهد لقاعدة تحت الأرض تضم صواريخ متطورة مثل صاروخ “عماد” الباليستي متوسط المدى، الذي يتميز بمدى يصل إلى 1650 كيلومترًا ورأس حربي موجه قابل للفصل يزن 750 كيلوجرامًا. أثارت تلك المشاهد في حينها ردود فعل واسعة، إذ عكست تطورًا كبيرًا في البنية التحتية الصاروخية الإيرانية، خاصة فيما يتعلق بالتحصينات تحت الأرض التي تجعل من الصعب استهداف هذه المنشآت.
القاعدة الجديدة التي تم الكشف عنها في عام 2025 تعكس تطورًا إضافيًا في القدرات الإيرانية. أظهرت المشاهد بنية تحتية متقدمة تضم شبكة معقدة من الأنفاق، ومنصات إطلاق متنقلة، ونظم تحكم متطورة، مما يجعل هذه القواعد قادرة على تنفيذ عمليات هجومية ودفاعية دون الكشف عن مواقعها بسهولة. هذا التطور يرسل رسائل متعددة إلى خصوم إيران، مفادها أن الجمهورية الإسلامية قادرة على الرد بفعالية في حال تعرضت لأي هجوم، وأنها مستعدة للتعامل مع أي تهديدات محتملة.
تعكس هذه الخطوة رغبة إيران في تعزيز مكانتها كقوة إقليمية، وسط سياق دولي يشهد ضغوطًا متزايدة عليها، خاصة فيما يتعلق ببرنامجها النووي وعلاقاتها المتوترة مع دول مثل الولايات المتحدة وإسرائيل. القواعد الصاروخية تحت الأرض تشكل جزءًا من منظومة أوسع تسعى من خلالها إيران إلى حماية نفسها من أي هجمات مفاجئة، كما تعزز قدرتها على الردع وإرسال إشارات واضحة بأنها قادرة على حماية مصالحها الإستراتيجية.
الإعلان عن هذه القاعدة يحمل أبعادًا رمزية وعملية. فمن الناحية الرمزية، يعكس هذا الكشف قوة الردع الإيرانية في مواجهة التهديدات المستمرة. أما من الناحية العملية، فإنه يعزز من إمكانات إيران الدفاعية والهجومية على حد سواء. هذا النوع من القواعد يمنح إيران قدرة على التحصين والمرونة في التعامل مع سيناريوهات الصراع المختلفة، ما يجعل أي مواجهة معها مكلفة لأي طرف معادٍ.
على الرغم من ذلك، تبقى تداعيات هذه القاعدة على الاستقرار الإقليمي والدولي محل تساؤل. في وقت يعاني فيه الشرق الأوسط من أزمات متفاقمة، فإن استمرار إيران في تطوير بنيتها العسكرية، لا سيما في مجالات الصواريخ والقواعد السرية، يضيف تعقيدًا جديدًا إلى المشهد. بينما ترى إيران في هذه الخطوات وسيلة لضمان أمنها القومي، يعتبرها خصومها تهديدًا للاستقرار في المنطقة، ما يفتح الباب أمام مزيد من التوترات في المستقبل.